29 حزيران 2021
هل يبدأ تصويب بوصلة المسيحيين في لقاء الفاتيكان؟


النهار
الرئيس ميشال سليمان
هل يبدأ تصويب بوصلة المسيحيين في لقاء الفاتيكان؟
في خضمّ الاضطرابات على الساحة الاقليمية والبحث الجاري عن تفاهمات دولية لتقاسم النفوذ وحماية مصالح اللاعبين الأمَمِيّين، يتخبّط #لبنان في أزمات متدحرجة أدّت إلى انهيار اقتصاده وإلى فشل إدارته السياسيّة.
في ظلّ هذا الانهيار العائد بمعظمه إلى فقدان #سيادةالدولة على اراضيها وكذلك على شؤونها السياسية والحياتية، تطغى على المواطنين حالة قلقٍ على الهويّة والمصير ويمضي الجميع في البحث عن حلول للحفاظ على هذه الهويّة والتعدّدية، تراوح من الحياد الناشط الذي زُرعت أساساته في إعلان بعبدا 2012 إلى المطالبة بعقد مؤتمر دولي للاتفاق على هذا الحياد، وفقًا لمبادرة البطريرك الراعي الانقاذية. هذا الاهتمام الدولي المطلوب شهد بداياته عامي 2012 و2013 من خلال تبنّي الأمم المتّحدة إعلان بعبدا كوثيقةٍ رسمية، كما من خلال إطلاق المجموعة الدولية لدعم لبنان في نيويورك الذي بني على هذا الاعلان، وذلك تحت رعاية الامم المتحدة وبمشاركة الدول الخمس زائد المانيا وايطاليا والبنك الدولي والجامعة العربية والاتحاد الاوروبي. أمّا في الداخل، وبحجّة حماية حقوق #المسيحيين والمحافظة على التعدّدية، تتزاحم المشاريع السياسيّة والاقتصاديّة، وبدلاً من اللامركزية الادارية تُطرح الفيديرالية التي من شأنها أن تزيد عزلة المسيحيين وتلغي دورهم في بقاء لبنان وطن رسالة، كما يدعو بعض انصار "المسيحية المشرقية" إلى تحالف الأقلّيات ما يدفع المسيحيين الى الانخراط في محاور الممانعة وصراعاتها المدمّرة، أو اللجوء مستقبلاً إلى الحماية العسكرية الأجنبية، أو إلى التماهي مع الأنظمة غير العادلة والمتسلّطة، الذي يَسْتَبْطِنُ مشروع عداوة مع الشعوب، خصوصا العربية منها، ويتناقض مع روح الدين المسيحي الرافض لأي قهر وظلامية وظلم. 
إنّ مستقبل المسيحيين يكون حتمًا في تعزيز منطق الاعتدال والانفتاح وفي اعتماد نهج الحوار مع محيطهم وفي كلّ جهد يهدف إلى بناء الدولة العادلة والحاضنة، التي تحترم حقوق الانسان والحرّيات الأساسية بما في ذلك حرّية العبادة وممارسة الشعائر الدينية، التي تسمح بمشاركة كافة مكوّنات المجتمع الحضارية في الحياة السياسية وفي إدارة الشأن العام بغضّ النظر عن أحجامها العددية بل استناداً الى ما تمثّله وترمز اليه من تنوع مُثرٍ للذات العربية في أبعادها الفكرية والثقافية والعلمية. 
 
إنّ مشروع #المسيحيين في الشرق وفي لبنان بالذات هو مشروع كلّ مواطن، الى أي طائفة او مذهب انتمى، يتوقُ إلى الحرّية والعدالة والسلام. 
حقوق المسيحيين في لبنان من حقوق جميع اللبنانيين، تستعاد باستعادة قوّة الدولة وسيادتها وبتحييد لبنان، وتستعاد باستعادة ثقة المجتمع الدولي والمواطنين والمستثمرين، من أجانب ولبنانيين مقيمين ومنتشرين، بحكومة تلتزم تعهداتها وتطبّق الدستور وتحترم مواعيد الاستحقاقات. تستعاد هذه الحقوق باستقلالية القضاء وعدالة القاضي، بتجرد المسؤول وشفافيته وبحصر السلاح بيد الدولة، بتكافؤ الفرص واعتماد آلية موحّدة للتعيينات. تستعاد بالإنماء المتوازن وبمعدل نموّ اقتصادي معقول وبقانون انتخاب يعتمد على النسبية بعيدًا عن جوهر "القانون الارثوذكسي" الطائفي الذي يصلح لتمثيل العائلات الروحية في مجلس الشيوخ. تستعاد حقوق المسيحيين باستعادة الديبلوماسية المتوازنة، بالحرّية وبإبقاء لبنان ملاذاً للمضطهدين، بالحوار والروح السمحة. تستعاد حقوق المسيحيين ونحافظ عليها بالتزام وثيقة "الاخوّة الإنسانية"، بالحرص على حقوق المسلمين قبل كل شيء وحقوق جميع اللبنانيين، باستكمال تطبيق الدستور وليس بالتفاهمات الثنائية وتقاسم المغانم.
 
حقوق المسيحيين لا تستعاد اذا حمَلَت كلّ طائفة ميزانًا بيدها، كي تضع وزيراً قبالة وزير وحاجباً قبالة حاجب فتقود لبنان الى حدود الحلول المستحيلة. لا تستعاد "إذا أكثرنا من موازنة العدالة إذ تنقلب ظلماً لأنها تبعدنا عن مكسب الطائفية الوحيد الذي تعلمناه عبر الاجيال وهو التسامح والتعايش"، كما قال ميشال شيحا.
 
الفرصة متاحة اليوم لرسم المسار الصحيح عبر دعوة البابا فرنسيس رؤساء الطوائف المسيحية الذين تنتشر رعاياهم في لبنان وفي مقدّمهم بطريرك انطاكية وسائر المشرق الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى لقاء "تفكير وصلاة من اجل لبنان" في #الفاتيكان في اول تموز. هذه الدعوة هي مناسبة لتصويب بوصلة المسيحيين في لبنان "باتّجاه الحوار والانفتاح والمصالحة" التي ذكرها الحبر الاعظم بابا الأخوّة الإنسانية في كتابٍ تلقّيته من قداسته في 21 ايار 2021، جواباً على رسالتي له أثناء زيارته إلى العراق، مع الامل أن يؤسس تصويب البوصلة المسيحية لتصويب البوصلة اللبنانية عموما باتّجاه دولة العدالة والمواطنة والمؤسّسات وصاحبة السيادة الكاملة غير المنقوصة.https://www.annahar.com/arabic/section/76-%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/28062021100212002
أضف تعليق
الرجاء التأكد من إدخال المعلومات بشكلٍ صحيح
تابع الرئيس على
© 2024 ميشال سليمان جميع الحقوق محفوظة