عامر مشموشي
القوى تتسابق على إعلان اللوائح وعيونها على مرحلة ما بعد الإنتخابات
عودة الحريري عن استقالته في الرياض التي تمت بمساع فرنسية - مصرية جاءت تحت عنوان تطبيق سياسة النأي بالنفس وعزل تأثير سلاح حزب الله عن الداخل
في حين دخلت عملية تشكيل اللوائح الانتخابية في سباق مع الوقت الذي يمر بسرعة، يتركز اهتمام العهد على مرحلة ما بعد الانتخابات بمعزل عن النتائج التي ستسفر عنها، وتتوقع أوساط سياسية متابعة، استناداً إلى مواقف رئيسي الجمهورية والحكومة ميشال عون وسعد الحريري معطوفة على طلب دولي عبّرت عنه الدول التي شاركت في مؤتمر روما لدعم الجيش والمؤسسات الأمنية، تتصل بإطلاق البحث في استراتيجية دفاعية مع حكومة جديدة تكون أولى اولوياتها جمع السلاح وتنفيذ القرارين الدوليين 1701 و1559 اللذين شكلا مع تطبيق سياسة النأي بالنفس فعلاً لا قولاً العامود الاساسي للبيان الختامي الذي صدر عن مؤتمر الدعم الدولي للبنان والذي انعقد في روما، والذي بات مرجحاً ان يتكرر في مؤتمر «سيدر» في السادس من شهر نيسان المقبل أي قبل شهر واحد من الموعد المقرّر لاجراء الانتخابات النيابية العامة في السادس من شهر أيّار الذي يلي.
وكما في مؤتمر روما كذلك سيتكرر في مؤتمر «سيدر» اعتبار ذلك من ضمن سلّة مطالب ترتقي إلى مرتبة شروط حددتها الدول المانحة مقابل دعم لبنان ومساعدته لكي يتجاوز مصاعبه الاقتصادية والمالية ويقوى على النهوض من هذه الأزمات.
وحسب ما تفيد الأوساط المتابعة فإن أبرز تجليات العهد في هذا المسار بالتفاهم التام مع الرئيس الحريري المطمئن إلى عودته على رأس حكومة ما بعد الانتخابات والتي يعتبرها العهد حكومته الأولى يستدل إليه من مرحلة ما بعد عودة الحريري عن استقالته في الرياض في الرابع من تشرين الثاني الماضي، كون هذه العودة التي تمت بمساع فرنسية - مصرية جاءت تحت عنوان تطبيق سياسة النأي بالنفس وعزل تأثير سلاح حزب الله عن الداخل وقد دخل هذا العنوان تحت المجهر الدولي لمراقبة مدى الالتزام اللبناني به، فكانت قبله وفي اعقابه مواقف بارزة من الرئيس عون الواعدة بوضوح، وبكل صراحة، بأن تكون أوّل مهمة بعد الانتخابات النيابية للعهد العودة إلى البحث في الاستراتيجية الدفاعية وقبله في بيان مجموعة الدعم التي انعقدت في فرنسا وشارك فيها رئيس حكومة لبنان، متضمناً عبارات واضحة عن القرارين 1701 و1559 وسياسة النأي بالنفس وإعلان بعبدا والاستراتيجية الدفاعية، وذلك بمثابة إشارات دولية إلى ان العالم على استعداد تام للتجاوب مع المطالب اللبنانية، وتقديم الدفع المطلق الاستثماري وغير الاستثماري في حال استجاب لكل هذه الشروط.
وبدا التجاوب اللبناني بكل وضوح في مؤتمر روما حتى ان الرئيس الحريري تعمّد في كلمته التي ألقاها في المؤتمر تأييد موقف الرئيس عون بالنسبة إلى بحث الاستراتيجية الدفاعية بعد الانتخابات وذلك في رسالة لم تخف أهدافها عن أحد، خصوصا انها أعقبت بيان رئيس الجمهورية امام مسؤولين دوليين زاروه مؤخراً، واستتبعت بموقف واضح أيضاً من الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس في شأن السلاح ثم بالبيان الختامي لمؤتمر روما الذي كان صريحاً إلى حدا انه ربط أية مساعدة للجيش والأجهزة الأمنية الأخرى بمدى تجاوب لبنان مع ما التزم به لجهة الاستراتيجية الدفاعية والنأي بالنفس وطبعاً تطبيق القرارات الدولية لا سيما منها القرارين 1701 و1559.
وتبعاً لكل ذلك، تصف الأوساط المتابعة حقبة ما بعد الانتخابات بصرف النظر عن نتائجها بمرحلة مواجهة السلاح المتفلت وبخاصة سلاح حزب الله لحصره بيد الشرعية وحدها دون سواها، وسقوط معادلة الجيش والشعب والمقاومة بإنجازات الجيش النوعية التي برهن عنها في معركته التي خاضها ضد داعش واخواتها، وانتصر عليها بالرغم من ضعف الإمكانات، والتي كرّست بالتالي قدرته على حماية لبنان وضبط حدوده، وتحرير ما تبقى من أراضيه المحتلة من دون الحاجة إلى أي أحد وتحت أية تسميات كالمقاومة التي يتمسك بها حزب الله. غير ان هذه الأوساط، لا ترى بأن طريق العهد في هذا الاتجاه ستكون سهلة، حتى وان أسفرت الانتخابات النيابية عن وصول أكثرية نيابية كافية تقول بما يقوله، بقدر ما ستكون صعبة، وربما مستحيلة طالما ان حزب الله ما زال متمسكاً باستراتيجيته المعلنة، وهي الاحتفاظ بالمقاومة وسلاحها لمواجهة العدو الإسرائيلي بصرف النظر عن الاعتبارات الأخرى التي يضعها العهد في الحسبان وقد بدأت ملامحها بالظهور في المواقف السلبية التي ظهرت في صفوف قياديي الحزب على دعوة رئيس الجمهورية للبحث في الاستراتيجية الدفاعية غداة الانتخابات النيابية العامة التي ستجري بعد أقل من شهر ونصف الشهر، كذلك تحفظها على الموقف الذي اتخذه رئيس الحكومة في مؤتمر روما ودعمه المطلق لاقتراح رئيس الجمهورية الرامي إلى إعادة فتح ملف الاستراتيجية الدفاعية فضلاً عن الالتزام الكامل بسياسة النأي بالنفس وتطبيق القرارات الدولية بالنسبة إلى الجنوب، وهذا التمسك من شأنه ان يفتح باب جهنم على أزمة تشكيل حكومة العهد الأولى ويلهي العهد عن المهمات الأساسية التي تنتظرها منه الدول التي تحرص على لبنان وعلى امنه واستقراره، وعلى التزاماته بالشرعية الدولية، وما يصدر عنها من قرارات. وثمة من يتخوف من ان تطول هذه الأزمة أكثر مما حصل في السابق، ولا تستبعد الأوساط المتابعة نفسها، ان يكون الموقف الذي اطلقه رئيس الجمهورية بالنسبة إلى الاستراتيجية الدفاعية أحد اهم الأسباب التي أدّت إلى تعثر التحالفات الانتخابية بين حزب الله والتيار الوطني الحر.