اميل خوري
ليست الفقرة 4 من المادة 53 من الدستور هي وحدها التي تربط صدور مرسوم تشكيل الحكومة ومراسيم قبول استقالة الوزراء واقالتهم بالاتفاق بين رئيس الجمهوريّة ورئيس مجلس الوزراء وبدون أن يلحظ الدستور آليّة تعتمد لحسم الخلاف بينهما عند حصوله، بل إن مواد عديدة في الدستور تربط تنفيذها أيضاً بالاتفاق بين رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة. ولم يلحظ الدستور آليّة تعتمد لحسم الخلاف بينهما كأن تطرح على مجلس النواب صيغة الحكومة التي صار خلاف عليها فإذا وافق عليها بأكثرية محددة تصدر مراسيم تشكيلها وإلّا يعود البحث في تشكيل حكومة بصيغة جديدة ما دامت الكلمة ستكون في كل الأحوال لمجلس النوّاب عندما تطلب أي حكومة الثقة منه وعندما يوافق رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة على تأليف الحكومة فإنّهما يكونان وافقا عليها بكل أعضائها من دون تخصيص حصة لأي منهما فالحكومة كلّها هي حصّتهما.
أمّا المواد التي يربط الدستور تنفيذها بالاتفاق بين رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة فهي الآتية:
- المادة 33: "إن افتتاح العقود العادية واختتامها يجريان حكماً في المواعيد المبيّنة في المادة 32 ولرئيس الجمهوريّة بالاتفاق مع رئيس الحكومة أن يدعو مجلس النوّاب إلى عقود استثنائية بمرسوم يُحدّد واختتامها وبرنامجها. وعلى رئيس الجمهوريّة دعوة المجلس إلى عقود استثنائيّة إذا طلبت ذلك الأكثريّة المُطلقة من مجموع أعضاء" لكن الدستور لم يلحظ آلية للعمل بها في حال لم يتّفق رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة على افتتاح هذه العقود واختتامها.
- المادة 52: "يتولّى رئيس الجمهوريّة المفاوضة في عقد المعاهدات الدوليّة وابرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة. ولا تصبح مبرمة إلّا بعد موافقة مجلس الوزراء، وتطلع الحكومة مجلس النوّاب عليها حينما تمكّنها من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة، أمّا المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلّق بمالية الدولة والمعاهدات التجارية وسائر المعاهدات التي لا يجوز فسخها سنة فسنة فلا يمكن ابرامها إلّا بعد موافقة مجلس النوّاب" ولم يلحظ الدستور أيضاً آلية تعتمد في حال الخلاف بين رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة على عقد هذه المعاهدات وتحديد الجهة التي تحسم الخلاف.
الفقرة 12 من المادة 53: "يدعو رئيس الجمهوريّة مجلس الوزراء استثنائيّاً كلما رأى ذلك ضروريّاً بالاتفاق مع رئيس الحكومة، ولم يلحظ الدستور ما ينبغي عمله إذا لم يحصل اتفاق رسمي على ذلك كما لم يلحظ آلية لتطبيق المادة 73 من الدستور في حال لم يلتئم مجلس النوّاب لانتخاب رئيس للجمهورية بدعوة من رئيسه، ولا في حال لم يدع المجلس لهذا الغرض ولم يجتمع حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس. وكان ينبغي أن ينص على معاقبة كل نائب يتغيّب عن جلسة الانتخاب بدون عذر مشروع.
إن "لقاء الجمهورية" عندما دعا إلى عقد مؤتمر برئاسة الرئيس ميشال سليمان في نيسان 2016 اتخذ توصيات منها الآتية:
1- تطبيق اعلان بعبدا (اعتماد نهج الحوار وتحييد لبنان عن صراعات المحاور وتجنيبه انعكاساتها السلبيّة.
2- ايجاد حلول للاشكالات والثغرات الدستورية لتأمين انتظام عمل المؤسّسات على قاعدة توازن السلطات وتداولها والحرص على مبدأ الفصل بين السلطات وبين النيابة والوزارة وتلافي الشغور في المؤسّسات الدستوريّة.
3- اعادة صلاحية تفسير الدستور إلى المجلس الدستوري وفقاً لاتفاق الطائف وتعديل قانون تنظيمه وأصول العمل فيه وكيفيه تشكيل وتعيين أعضائه.
4- تعديل الاتفاقات مع سوريا بما يتوافق مع وثيقة الوفاق الوطن في إطار سيادة البلدين واستقلالهما.
4- تدعيم أسس الدولة المدنية لتعزيز المواطنة وضمان المساواة وحرية المعتقد وإقرار قانون مدني اختياري للأحوال الشخصيّة والسماح بعقد الزواج المدني على الأراضي اللبنانية.
إن هذه التوصيات وغيرها تصلح لأن تكون أساساً للبحث في مجلس الوزراء أو في مجلس النواب أو على طاولة الحوار إذا كان ثمّة التزام بمبدأ "الاستمراريّة في الحكم"