غسان حجار
كانت مفاجأة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة عيد الفصح وفي حضور رئيس الجمهورية ميشال عون واركان في الدولة، دعوته الى "التمسك بإعلان بعبدا"، أي "ضرورة النأي بالنفس، وتوحيد الموقف اللبناني، وعدم الإنزلاق في أي محاور، من أجل حماية لبنان وتجاوزه المخاطر الراهنة".
لم تكن واضحة دعوة البطريرك في توقيتها وامام حضور ميّال الى التنصل من الاتفاق - الاعلان بعدما أنكره "حزب الله" تحديداً قبل صياح الديك في اليوم التالي للاتفاق عليه في العام 2012، لان تبنّيه يعني القبول بالقرار 1701، وتحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليميّة والدوليّة وتجنيبه الانعكاسات السلبيّة للتوتّرات والأزمات الإقليميّة في ظل الازمة السورية التي كانت تعيش عامها الاول من الحرب التي دخل "الحزب" على خطها جدياً وبقوة، كما اعلنت قوى لبنانية اخرى مشاركتها الى جانب النظام ولو من باب تسجيل موقف واستعراض فولكلوري ليس اكثر بسبب عدم امتلاكها الامكانات القتالية والقدرات المالية.
لكنّ عودة الى ذلك الاتفاق وقراءة هادئة له تؤكد بما لا يقبل الشك انه الصيغة الفضلى للبنان للخروج من مأزقه، وان المضي في رفضه لا يعدو اكثر من كونه أحد توجّهين: إما نكاية بالرئيس ميشال سليمان عرّاب الاعلان والذي سجل من خلاله انتصارا وأخرج الحوار الوطني من عنق الزجاجة، بعدما عانت طاولات الحوار من مراوحات قاتلة وضياع للوقت في جولات لم تتوصل الى اي اتفاق، بل اكتفت بتبديد اجواء التصادم من دون البحث عن حلول جدية، كأن المطلوب من الحوار كان امرار الوقت ليس اكثر. أما التوجه الثاني فهو التأثر بـ"حزب الله" او الانصياع له ومسايرته في رفضه الاعلان، وبالتالي مقايضته في الموقف من الاعلان ومضمونه، كذلك من الرئيس سليمان الذي يرى "الحزب" انه انقلب عليه في النصف الثاني من ولايته.
واللافت ان كثيرين ينددون بـ"اعلان بعبدا" ويعبّرون عن رفضه انسجاما مع المواقف السياسية لأوليائهم من دون ان يطّلعوا على مضامينه الجامعة والضرورية والوطنية ومنها:
- إلتزام نهج الحوار والتهدئة الأمنيّة والسياسيّة والإعلاميّة والسعي الى التوافق على ثوابت وقواسم مشتركة.
- إلتزام العمل على تثبيت دعائم الاستقرار وصون السلم الأهلي والحؤول دون اللجوء إلى العنف والانزلاق بالبلاد إلى الفتنة، وتعميق البحث حول السبل السياسية الكفيلة بتحقيق هذا الهدف.
- العمل على تعزيز مؤسسات الدولة وتشجيع ثقافة الاحتكام إلى القانون والمؤسسات الشرعيّة لحلّ أيّ خلاف أو إشكال طارئ.
- التمسّك باتفاق الطائف ومواصلة تنفيذ كامل بنوده.
- الحرص تالياً على ضبط الأوضاع على طول الحدود اللبنانيّة - السوريّة، وعدم السماح بإقامة منطقة عازلة في لبنان، وباستعمال لبنان مقرّاً أو ممراً أو منطلقاً لتهريب السلاح والمسلحين، ويبقى الحقّ في التضامن الإنساني والتعبير السياسي والإعلامي مكفولاً تحت سقف الدستور والقانون.
- التزام القرارات الدوليّة، بما في ذلك القرار 1701.
https://newspaper.annahar.com/article/964439-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%88%D8%AF%D8%A9-%D9%85%D8%AC%D8%AF%D8%AF%D8%A7-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%86-%D8%A8%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7