هل يكون مصير دعوة بكركي للحياد كمصير "إعلان بعبدا"؟
النهار:
اميل خوري
هل يكون مصير دعوة بكركي للحياد كمصير "إعلان بعبدا"؟
يبدو أن مصير دعوة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى حياد لبنان قد يكون مصيرها كمصير الدعوة إلى "لا شرق ولا غرب" في عهد الرئيس الشيخ بشارة الخوري ومصير "إعلان بعبدا" في عهد الرئيس ميشال سليمان.
أن ضغط النفوذ البريطاني في عهد الرئيس الشيخ بشارة الخوري لضم لبنان إلى جامعة الدول العربية اعتبره فريق من اللبنانيين مخالفاً لمقولة "لا شرق ولا غرب"، لأن لبنان سيكون عند التصويت في اجتماعات الجامعة مع طرف ضد طرف. فعاد الانقسام في لبنان بين من هم مع الشرق وبين من هم مع الغرب لا بل بلغ الانقسام حد الانحياز بين "شرق شرق وغرب غرب".
وخالف "حزب الله" "إعلان بعبدا" في عهد الرئيس ميشال سليمان بتدخله عسكريّاً في الحرب السوريّة دعماً لنظام الرئيس بشار الأسد المُثير للخلاف الحاد داخل لبنان. وها إن دعوة البطريرك الراعي إلى حياد لبنان تواجه شرط توافق كل مكوّنات لبنان عليها وهو توافق بعيد المنال في الظروف الراهنة خصوصاً أن لإيران نفوذاً فيه وفي عدد من دول المنطقة ولا مصلحة لها في أن يتخلّى الحزب عن سلاحه، وهي في حاجة إليه تنفيذاً لسياستها التوسُّعية في المنطقة، وترى أن لا معنى لحياد لبنان فيما إسرائيل لا تزال تحتل جزءاً من أراضيه، ولكي يكون للحياد معناه يجب أن تنسحب اسرائيل من هذه الأراضي وعندها يصير توافق على هذا الحياد.
لذلك يمكن القول أن لا تغيير في لبنان ما لم تغيّر إيران سلوكها، وتغيير هذا السلوك رهن بمصير الصراع الأميركي – الإيراني. فإذا انتهى بغالب ومغلوب فسيكون للمنطقة وجه آخر غير وجهها اليوم وإذا انتهى الصراع بتسوية، وكان لكلّ طرف حصّته منها فلا أحد يعرف كيف ستُوزّع هذه الحصص وحصة من سيكون لبنان؟!
لذلك لا بُدّ من انتظار مصير الصراع الأميركي – الإيراني لمعرفة مصير لبنان لا بل مصير المنطقة أيضاً، فالاستقرار السياسي والأمني والإقتصادي في لبنان والتوازن الداخلي الدقيق منه لن يتحقَّق إلّا بالحياد في حين أن الانحياز يزعزع الاستقرار، ويحلّ بهذا التوازن الدقيق سياسيّاً وطائفيّاً وما يمكن قوله هو أن لا تغيير في لبنان ولا في المنطقة ما لم يعرف مصير الصراع الاميركي الإيراني ولمن ستكون الغلبة فيه... أو كيف ستكون التسوية إذا كان لا بُدّ منها ولا يكون فيها غالب ومغلوب. فعلى لبنان إذاً الانتظار الذي كان دائماً سيّد كل موقف في الأزمات، إلّا إذا فرض الخارج الحياد كما فرض اتفاقات القاهرة والطائف والدوحة.