افتراق عون و"حزب الله"؟
النهار:
نايلة تويني
افتراق عون و"حزب الله"؟
المواقف الأخيرة لرئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، وعلى رغم دهائه السياسي، واطلاعه على دور "حزب الله" في ايصال عمه العماد ميشال عون الى قصر بعبدا، تشي بأن نهاية العهد لن تكون أفضل من سابقتها في التعامل مع "حزب الله". فالرئيس ميشال عون بلغ حد اليأس من تغطية الحزب لشركاء وخصوم، أقله في تصديهم لخططه المعلنة، في التدقيق المالي وتحقيق بعض الاصلاحات التي تنقذ عهده للتاريخ. وقد ظهر هذا الاستياء أخيراً في تصريحات عدد من وزراء "تكتل لبنان القوي"، ونواب "التيار"، الذين أعربوا صراحة عن تباعد في النظرة الى طريقة معالجة الامور، وملاحقة "المرتكبين". هؤلاء يلقون باللائمة على "حزب الله" لانه تحالف مع معطلي خططهم، ويتهمون "تيار المستقبل" بتغطية الفساد، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بالتآمر عليهم، ولا ننسى اتهامهم الرئيس نبيه بري بأنه "بلطجي" قبل ان يصير قصر عين التينة محجة النائب جبران باسيل.
وأياً تكن الاسباب، فإن ما يقرب من الطلاق قد حصل، ليس من جهة "التيار" وحده، وانما من جهة الحزب المستاء من التعامل معه منذ الانتخابات النيابية في العام 2018، مروراً بتشكيل الحكومات، و كلام للرئيس عون عن المقاومة، والسلاح، وملفات قضائية عدة، وصولاً الى موضوع الحياد الذي حاول باسيل مقاربته بحذر شديد لا يغضب الحزب، ولا يسيء الى العلاقة مع بكركي، ولا يزعج الغرب المتأهب لكل غلطة.
ويبدو ان التاريخ يتكرر مع فارق في التفاصيل، فالرئيس ميشال سليمان الذي أتى بتوافق معظم الاطراف في اتفاق الدوحة، لم يكن معادياً للحزب في مستهلّ ولايته، لكنه ضاق ذرعاً بمحاولات هذا الحزب مصادرة القرار الوطني دونما اعتبار للقرار الرسمي ولهيبة الدولة، خصوصا بعد قراره المنفرد، بل بقرار ايراني، التوجه إلى المشاركة في الحرب السورية بذرائع مختلفة واهية لا تقنع أحداً. هذا الوضع المستجد الذي باعد بين الطرفين، حمل رئيس الدولة على مواجهة الحزب، وتحمل تبعات مواقفه الوطنية، خصوصا عندما تحدث عن معادلة خشبية، ما أدى الى قيام جبهة معارضة ضده حاولت تقويض عهده.
ويبدو ان الرئيس ميشال عون يكاد يبلغ تلك المرحلة من الاستنتاج، أي ان الحزب لا يقيم وزناً للقرار الرسمي، ولا يساعد جدياً في القرارات الوطنية، ويرفض الاستراتيجية الدفاعية، وينحاز إلى الخارج أكثر منه إلى الداخل. فهل تنتهي الولاية على تباعد وخلاف مشابهين لما سبق؟ ام ان وضع "رئاسة" جبران باسيل نصب عينيه ستحول دون الافتراق؟
في الخلاصة، ليست المشكلة دوماً في الرئاسة، بل في مكان آخر حتماً.