هل ستتكرّر تجربة إنهاء الوصاية السورية مع الوصاية الإيرانية؟
النهار:
احمد عياش
هل ستتكرّر تجربة إنهاء الوصاية السورية مع الوصاية الإيرانية؟
اللقاء الحاشد الذي شهدته دار نقابة الصحافة، وانتهى إلى إقرار "برنامج مرحلي مشترك لإنقاذ #لبنان"، هو في مضمونه السعي إلى تكرار تجربة شهدها لبنان عام 2005 وأدت إلى إنهاء وصاية النظام السوري على لبنان، بأن يتم إنهاء وصاية النظام الايراني عبر أداته البارزة "#حزب الله". فهل هذا الطموح في مكانه، والمقارنة بين الوصايتَين في محلها؟
النهار"، ومن خلال مشاركتها على امتداد أشهر سبقت لقاء الأمس، لمست ان التركيز على توصيف ما يمر به لبنان من أزمات لا يستقيم بحصره بالجانب الاقتصادي فقط، بل يتطلب الذهاب إلى عمق سياسي غاب عن الواجهة طوال فترة صعود حركة الاحتجاج الكبيرة بدءاً من 17 تشرين الاول 2019، وهو أمر ركز عليه الدكتور فارس سعيد عندما أشار إلى أن أزمة لبنان ليست أزمة نظام وإنما أزمة إدارة النظام. وفي جلسة حوار تحضيرية في الايام الاخيرة التي سبقت لقاء نقابة الصحافة، قالت مجموعة بارزة من المجتمع المدني إنها ترى بعد تجربة شهور تلت ثورة تشرين الأول في العام الماضي أن لا حل لمعضلات لبنان الاقتصادية والمالية والفساد إلا بعد قيام الدولة بعيداً من نفوذ الدولة الموازية التي يمثلها "حزب الله".
في رأي احد نشطاء انتفاضة 17 تشرين الاول 2019 أدلى به لـ"النهار" طالباً عدم ذكر اسمه، ان المؤتمر الوطني للانقاذ في 25 الجاري في فندق "لورويال" كان بدفع من "حزب الله" وانتهى إلى بيان يركز فقط على البعد الاقتصادي "وكأنه استباق لما سيصدر عن لقاء نقابة الصحافة الذي يشدد على البعد السياسي للازمة اللبنانية".
حتى في المداخلات التي كان لها طابع اقتصادي، والتي أدلى بها فؤاد رحمة رئيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين، انتهت إلى القول إن "لا إصلاح في ظل هيمنة حزب الله".
من المداخلات المهمة التي لفتت انتباه الحضور، تلك التي أدلى بها النائب والوزير السابق أحمد فتفت والتي سأل فيها: "هل يمكن محاربة الفساد وكل الآفات السياسية الأخرى من دون دولة؟ الصحة والتعليم والامن والحريات، كلها تختفي في ظل غياب الدولة، وأيضاً الماء والكهرباء والرقابة على المالية العامة وعلى المصارف. الدولة حاجة وليس قراراً مزاجياً. لماذا فشلنا في بناء الدولة حتى الآن؟ ذلك أننا قبلنا أن نضحي بأهم عناصر بناء الدولة، أي السيادة الكاملة والحق الحصري باستعمال العنف الداخلي والخارجي. بعكس ما يقول الطائف، وما يحدده الدستور، قبلنا ببناء دويلة، تحت عنوان المقاومة على أطراف الدولة، دويلة تنهش الدولة تدريجياً حتى أضحت هي الدولة الفعلية".
في المقابل، يقول النائب السابق صلاح الحركة، انه من الافضل الحديث عن "النفوذ ال#إيراني" بدلاً من الكلام عن "الوصاية الإيرانية". وفي شرحه لهذه الفكرة، اعتبر الحركة "ان نفوذ إيران أتى من النفوذ السوري سابقاً، والاخير أتى بتغطية أميركية".
وفي النص الذي أرسله إلى اللقاء وتليّ نيابة عنه، يقول الوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون الاقتراحات الآتية:
"أ- الطلب إلى إيران سحب سلاحها من لبنان وتأمين الدعم العربي والدولي لهذا المطلب وممارسة ضغوطات عربية ودولية على إيران لكي تسحب هذا السلاح وصولاً إلى الطلب من الدول الصديقة طرح الموضوع في مجلس الامن .
ب- سلاح حزب الله ليس سلاح تحرير الارض. ذريعة مزارع شبعا ساقطة لأن هذا السلاح وبعد عشرين سنة على الانسحاب الأحادي الاسرائيلي لم يحرر ولو متراً واحداً من مزارع شبعا، وصولاً إلى أن الاتفاق الاخير على التفاوض لترسيم الحدود بحراً وبراً جعل من مزارع شبعا أمراً خاضعا للقرار ٢٤٢ أي بالنتيجة للتفاوض بين سوريا وإسرائيل.
ج- سلاح حزب الله ليس قوة ردع ولا يحقق توازن الردع، لكن اذا تم تسليم هذا السلاح للجيش اللبناني اي للشرعية عندها يتحول إلى جزء من قوة الردع الشرعية.
د- استعمال هذا السلاح في الداخل اللبناني حصل عدة مرات بدءاً من الحروب المتعددة الأوجه داخل الطائفة الشيعية مروراً باغتيال الرئيس رفيق الحريري ومعه عدد من الاغتيالات والتفجيرات الارهابية التي كان آخرها تفجير الوزير شطح ثم الهجوم على العاصمة والجبل عام
2008 وبعدها تعطيل الدستور والانتخابات الرئاسية وتعطيل انتخاب مجلس النواب.
ه- يجب مخاطبة الجزء من الجمهور الشيعي المؤيد لهذا السلاح من خلال مشروع الامام موسى الصدر الذي يركز على نهائية الوطن والعيش المشترك، وهذا نقيض ما يفعله سلاح الحزب والمشروع الايراني، اي مشروع الهلال الفارسي الذي يدمر الاوطان والدول لإلحاقها بهذا المشروع، ومن الواضح ان النظام الايراني من خلال إمساكه بالثنائي الشيعي قوّض فكر الصدر. لذلك تبرز أهمية إعادة التركيز على مشروع الامام الصدر."
إلى لقاء نقابة الصحافة حمل العميد المتقاعد نزار عبد القادر من رئيس الجمهورية الاسبق، ميشال سليمان، طلباً باسم "لقاء الجمهورية" يدعو إلى اعتماد مبدأ "النأي بالنفس" الذي صار وثيقة دولية إبان رئاسة الرئيس سليمان وذلك بما يؤدي فعلاً إلى حياد لبنان الذي طالب ولا يزال يطالب به البطريرك مار بشارة بطرس الراعي.
ما هو الجواب على سؤال: هل ستتكرر تجربة إنهاء الوصاية السورية مع الوصاية الإيرانية؟ هناك انقسام داخلي ينطلق أولاً من طرح السؤال نفسه. لكن ذلك لا يمنع من التأمل في واقع لبنان الذي يواجه معضلة سلاح لا يأتمر بقرار الدولة. في قناعة المؤسسين لمبادرة انطلقت من نقابة الصحافة، أن تكرار تجربة عام 2005 ليس أمراً مستحيلاً، خصوصاً عندما يتحول سلاح "حزب الله" مصدر أزمات حتى على المستوى الاقتصادي والمالي.
إنها ظاهرة جديدة اليوم، يسمع فيها اللبنانيون كلاماً كان حتى الأمس يندرج في إطار الكلام غير المباح.