26 تشرين الثاني 2020
إنها سلطة “الفوضى الهدّامة”
يحي احمد الكعكي – إنها سلطة “الفوضى الهدّامة”

يومًا بعد يوم تؤكّد الأحداث الدراماتيكية على مسرح “المشهد السياسي اللبناني” ما بعد ٢٠١٦/١٠/٣١، والتي وصلت الى ذروة التشبّع بالإنفجار منذ ٢٠٢٠/١/٢١، بسبب تغيّيب القرار السياسي بالإصلاح الاقتصادي، وبسبب “الحصار” غير الشرعي المفروض على “الشرعية”، والذي دفع بالبطريرك الماروني “الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي” وبعدما استشف الخطر الذي يهدد “وجود لبنان الكبير”، إلى إطلاق صرخته في ٢٠٢٠/٧/٥ للرئاسة الاولى “لفك الحصار عن الشرعية، والمطالبة بحياد لبنان” كما ورد في المادة الثانية عشرة من “إعلان بعبدا” لتدارك “الخطر الوجودي” الذي يهدد بقاء “لبنان الكبير” كبيرًا. وتابع غبطته هذه الصرخة بعد ذلك في مواقف عدة في مناسبات دينية وغيرها.

وبالعودة الى “إعلان بعبدا” أشير إلى أن مجلس الأمن الدولي كان قد طالب الحكومة اللبنانية بضرورة تطبيق هذا الإعلان في ٢٠٢٠/٥/١٣،، وكذلك طالبت بذلك مراكز القرار الدولي، وهو الذي انقلب عليه “البعض” بعد تصويتهم في ٢٠١٢/٦/١١ على التزامهم العمل به..!

وأشير في.السياق ذاته إلى أن “الأمم المتحدة” دعت يوم الاثنين الماضي ٢٣ من الجاري “الحكومة اللبنانية” إلى ضرورة الإلتزام باحترام سيادة الدول ، واحترام
قراراتها انسجاماً مع “إعلان بعبدا”، كما طلبت من جميع الاحزاب اللبنانية، والأفراد اللبنانيين بعدم خرق القرار ١٧٠١ لعام ٢٠٠٦،على الحدود اللبنانية كافة، وذلك بعدم الإنخراط في صراعات المنطقة”.. (وهو ما كان قد أشار إليه “إعلان بعبدا” في مادته الثانية عشر ” حياد لبنان الناشط”، وإلى الالتزام بالقرارات الدولية بما فيها القرار١٧٠١، بحسبالمادة الرابع عشر)..

وهذا ما يؤكُد على أنه لو طبّق “إعلان بعبدا” منذ ثمانية أعوام ولم ينقلب عليه “البعض” بسبب المادة السادسة عشر من “الإعلان” (التي كانت قد حددت يوم الاثنين ٢٠١٢/٦/٢٥ موعداً لهيئة الحوار الوطني لمواصلة البحث في الاستراتيجية الوطنية للدفاع ، فبدلاً من الإجتماع حصل “الإنقلاب” الذي تحوّل بعد ٢٠١٦/١٠/٣١ إلى “حصار” وفرض “الأمر الواقع” على “الشرعية” والذي وصل إلى ذروة التحدّي في ٢٠٢٠/١/٢١) ، لو طُبّق لما كان حصل ما حصل من أحداث مأساوية مفجعة بحق الوطن والمواطن.. المحاصرة “إرادته في السيادة الوطنية” في وقت السلم والحرب”…

وأشير في هذا السياق الى أنه حينما يفقد مجتمع من المجتمعات القدرة على التواصل العاقل، يكون ذلك “علامة على تحلّل المجتمع” بحسب “بي. إس. أليوت”، الشاعر والمسرحي والناقد الأدبي الإنكليزي (١٨٩٨- ١٩٦٥)، والحائز على جائزة نوبل للآداب ١٩٤٨.

وأنه حينما تنتعش المصالح الضيّقة على “العامة” والطائفية والمذهبية على حساب الوطنية، فإنّ هذا نذير خطير حقيقي يُحاصر “الوطن – لبنان”، المحاصر بـ”أزمة وجود” سياسية، نتج عنها إنهيار اقتصادي، وإعلان “لبنان” إفلاسه في آذار/ مارس ٢٠٢٠، في سابقة خطيرة في تاريخه، أجّجت التدهور الاجتماعي الذي يعيش فيه منذ أواخر ٢٠١٩، وباتت مجاعة ١٩١٥ تدق كل أبواب اللبنانيين الطيبين.. بل أصبحت داخل منازلهم..(وهذا ما أكّدت عليه مؤسسة غالوب الأمريكية – التي تأسست ١٩٥٨ ومراكزها واشنطن العاصمة الأمريكية-د ، وتمتلك أكثر من أربعين مكتب عبر دول العالم – للاستشارات الإدارية والموارد البشريةوالبحوث الإحصائية ، بأن لبنان سجّل نسبة حزن نفسية ، وغضب ، لعام ٢٠١٩).

وهذا ما يؤكّد عل أنّ هذه “السلطة” منذ أن وصلت إلى الحكم، لم تأتِ لتخدم الشعب ، بل لتتسيّد عليه وتحكمه وتتحكّم فيه، لأنها كانت -ولا تزال- تضحك عليه وتضلّله بالوعود وتخدعه، وتصوّر له الهزائم بأنها إنتصارات، وتوهمه بأنّ الانهيار الاقتصادي والإفلاس منتهى الرخاء، لذلك تأكد هذا الشعب ومنذ ٢٠٢٠/٨/٤ تحديدًا بأنه معزول عن هذه “السلطة” التي كان شعارها منذ اكثر من ١٤٦٥ يومًا نحِسات عجاف: “يا نحكمكم يا نقتلكم” بـ”الفوضى الهدّامة” لأنها فاقدة لـ”قرارها السياسي” لذلك فقد الشعب ثقته فيها..

وصدق الفيلسوف الإنكليزي “وليم شكسبير” (١٥٦٤- ١٦١٦) حينما قال: “رحيل الثقة أصعب من رحيل الأشخاص”..!!
تابع الرئيس على
© 2024 ميشال سليمان جميع الحقوق محفوظة