الحوار المطلوب رئاسياً و»إعلان بعبدا ٢٠١٢»
الشرق:
يحي احمد الكعكي – الحوار المطلوب رئاسياً و»إعلان بعبدا ٢٠١٢»
دعا الرئيس -ميشال عون- في كلمته في الذكرى السابعة والسبعون لعيد «الاستقلال اللبناني»، إلى «حوار وطني» قائلاً:
«يجب إطلاق حوار وطني لبحث ما تفرضه التحوّلات في المنطقة والعالم من تغيرات في جميع القطاعات السياسية والأمنية والدفاعية، لنستطيع مواكبة هذه المرحلة، فتوضع كل الخلافات جانبًا وتلتقي الإرادات للخروج معًا بموقف موحّد يحصّن لبنان ولا يسمح بأن يكون أضحية التفاهمات الكبرى وكبش محرقتها».
أعادتني هذه الكلمات ثمانية أعوام إلى الوراء، وتحديدًا إلى يوم الإثنين ٢٠١٢/٦/١١ حينما أقرّت الأطراف السياسية الحاكمة الآن «وثيقة الحوار الوطني» أو «إعلان بعبدا» الصادر عن «هيئة الحوار الوطني» الذي تضمّن ١٧ مادة، تلاها على المجتمعين رئيس المجلس النيابي الأستاذ «نبيه بري» وصادقت عليها الأطراف السياسية المشاركة في طاولة «الحوار الوطني»، والتي كانت نتيجة العديد من طاولات «الحوار الوطني» التي عُقدت في مقر رئاسة الجمهورية اللبنانية في «بعبدا»، والتي كان قد شكلها الرئيس السابق «العماد ميشال سليمان».
وأشارت المادة الـ١٧ في هذا البيان إلى «اعتبار هذا البيان بمثابة -إعلان بعبدا- يلتزمه جميع الأطراف، وتبلًغ نسخة عنه إلى جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة».. كما عُلّقت نسخة منه في قاعة «٢٢ تشرين الثاني» في القصر الجمهوري، قيل انها احترقت بعد ٢٠١٦/١٠/٣١.
ومما جاء في «الإعلان»:
«إلتزام نهج الحوار والتهدئة الأمنية والسياسية والإعلامية والسعي للتوافق على ثوابت وقواسم مشتركة». و «إلتزام العمل على تثبيت دعائم الإستقرار وصون السلم الأهلي والحؤول دون اللجوء إلى العنف والإنزلاق بالبلاد إلى الفتنة، وتعميق البحث حول السبل السياسية الكفيلة بتحقيق هذا الهدف».
وجاء في الإعلان “دعوة المواطنين بكل فئاتهم للوعي والتيقن، بأنّ اللجوء إلى السلاح والعنف، مهما تكن الهواجس والإحتقانات، يؤدي إلى خسارة محتمة وضرر لجميع الأطراف ويهدد أرزاق الناس ومستقبلهم ومستقبل الأجيال الطالعة». و «العمل على تعزيز مؤسسات الدولة وتشجيع ثقافة الإحتكام إلى القانون والمؤسسات الشرعية لحل أي خلاف أو إشكال طارئ».
واكّد الإعلان على «دعم الجيش على الصعيدين المعنوي والمادي بصفته المؤسسة الضامنة للسلم الأهلي والمجسّدة للوحدة الوطنية، وتكريس الجهد اللازم لتمكينه وسائر القوى الامنية الشرعية من التعامل مع الحالات الامنية الطارئة وفقاً لخطة انتشار تسمح بفرض سلطة الدولة والامن والإستقرار».. «دعم سلطة القضاء تمكيناً من فرض أحكام القانون بصورة عادلة ومن دون تمييز».
كما جاء في لإعلان «تأكيد الثقة بلبنان كوطن نهائي وبصيغة العيش المشترك وبضرورة التمسّك بالمبادئ الواردة في مقدمة الدستور(أي دستور ١٩٩٠) بصفتها مبادئ تأسيسية ثابتة». و «التمسّك باتفاق الطائف ومواصلة تنفيذ كامل بنوده».
وأكّد الاعلان على”تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية وتجنيبه الإنعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الإقليمية، وذلك حرصًا على مصلحته العليا ووحدته الوطنية وسلمه الأهلي، ما عدا ما يتعلق بواجب إلتزام قرارات الشرعية الدولية والإجماع العربي والقضية الفلسطينية المحقة، بما في ذلك حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وديارهم وعدم توطينهم».
كما اكّّد الإعلان على”الحرص تاليًا على ضبط الأوضاع على طول الحدود اللبنانية السورية وعدم السماح بإقامة منطقة عازلة في لبنان وباستعمال لبنان مقرًا أو ممرًا اأو و منطلقًا لتهريب السلاح والمسلحين، ويبقى الحق في التضامن الإنساني والتعبير السياسي والإعلامي مكفول تحت سقف الدستور والقانون». وأكّد أيضا على«إلتزام القرارات الدولية بما في ذلك القرار ١٧٠١».
وفي هذا السياق أسير إلى أن «مجلس الامن الدولي» في جلسته التشاورية حول لبنان في ٢٠٢٠/٥/١٣ طالب لبنان العودة الى تطبيق هذا «الإعلان» وخصوصُا المادة ١٢ للحفاظ على استقلال لبنان وأمنه واستقراره الهام لأمن واستقرار المنطقة ككل.
وبالإستناد إلى هذا كله، أو بعض ذلك كله، أتساءل لماذا الدعوة إلى «إطلاق حوار وطني جديد»، و»إعلان بعبدا» لم يُطبّق حتى الآن؟ وهو الذي أكّّد من ثمانية أعوام على «مواكبة التطورات في المنطقة، وعلى وضع الخلافات جانباً لتلتقي الإرادات».
كما أكّد على «الخروج معًا بموقف موحّد يحصّن لبنان ولا يسمح بأن يكون أضحية التفاهمات الكبرى وكبش محرقة»..!