29 كانون الأول 2020
عون ولبنان على لائحة المتغيرات بعد نهاية مرحلة ترامب
احمد عياش
عون ولبنان على لائحة المتغيرات بعد نهاية مرحلة ترامب
قد تبدو المطالبة باستقالة رئيس الجمهورية ميشال #عونوالتي بدأت تتسع على المستوى الماروني، جزءاً من يوميات الازمة الداخلية. لكن، الخروج من شرنقة هذه الازمة، يتيح النظر الى ما يمرّ به لبنان ضمن تغييرات واسعة ستقبل عليها المنطقة والعالم في السنة الجديدة. وهنا تبدو طرفة "إذا أردت ان تعرف ما في لبنان ..." الى آخرها، أكثر من طرفة في هذه التغييرات. ولن يكون غريبا عندئذ القول:"إذا أردت ان تعرف مصير رئاسة العماد عون عليك ان تعرف المصير الذي آل اليه الرئيس الاميركي دونالد #ترامب".
تستعيد اوساط وزارية سابقة مرحلة وصول العماد عون الى قصر بعبدا في نهاية تشرين الاول عام 2016، فتشير الى ان توقيت هذا الوصول انطوى على فرصة حظ تماثل الجائزة الكبرى في اليانصيب، لمصادفته فترة انتقال في الإدارة الاميركية شهدت فوز المرشح الجمهوري ترامب على منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون. وفي اعتقاد هذه الاوساط التي تحدثت اليها "النهار"، أن انتخاب زعيم "التيار الوطني الحر" في ذلك التاريخ عكس مناخاً أميركياً متحولاً لم يستمر بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت بعد أيام على وصول عون الى الرئاسة الاولى، علما ان انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، تقول هذه الاوساط "هو شأن فيه لواشنطن تقليديا كلمة مسموعة. ولو كانت هذه الكلمة آتية بعد وصول الرئيس ترامب الى البيت الابيض لما كان للعماد أي حظ في الوصول الى قصر بعبدا".
 
هل من فائدة ترتجى بالعودة أربعة اعوام الى الوراء؟ تجيب الاوساط نفسها بالقول: اولا انه لو كانت مدة الولاية الرئاسية في لبنان شبيهة بمثيلتها في الولايات المتحدة، لكان العماد عون اليوم رئيساً سابقاً للجمهورية والذي مضى على وصوله الى قصر بعبدا أكثر من أربعة اعوام. وها هو اليوم الرئيس الاميركي المنتهية ولايته، والذي شغل العالم ولا يزال بطريقة أدائه، يستعد ليغادر منصبه في 20 كانون الثاني المقبل، على رغم انه فاز بأصوات 72 مليون ناخب أميركي وهو رقم قياسي لولا لم يكسره منافسه السيناتور جو بايدن بنيله نحو 5 ملايين صوت أكثر مما ناله ترامب. أما بالنسبة للرئيس عون، فتشير الاوساط الى انه لو جرت انتخابات نيابية اليوم لمنيَ تياره بهزيمة موصوفة بعد فشل ذريع رافق العهد طوال الاعوام الاربعة المنصرمة، وبالتالي لسقطت ذريعة "الرئيس القوي" التي جرى استخدامها لوصول زعيم التيار الى سدة الرئاسة الاولى.
لا يخفى على احد أن انتخاب عون رئيساً للجمهورية، مثّل ذروة النفوذ الايراني في لبنان عبر ذراعه "#حزب الله"، فكان زعيم التيار هو اول رئيس للجمهورية يصل الى قصر بعبدا في تاريخ لبنان بفضل هذا النفوذ، علماً ان رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال سليمان كان انتخابه ثمرة تفاهم إقليمي ودولي، ولم تكن لطهران فيه الكلمة الحاسمة على الرغم من احداث 7 أيار عام 2008 التي نفذها الحزب وأدت الى مؤتمر الدوحة والاتفاق المنبثق منه. فهل سيكون عون آخر رئيس للجمهورية يصل بنفوذ إيراني صاف، أم ان هناك رئيساً مقبلاً في سياق هذا النفوذ؟
 
ربَّ سائل عن مبرر هذا السؤال الذي يبدو مبكرا في توقيته ما دامت ولاية الرئيس الحالي مستمرة حتى خريف سنة 2022، أي بعد نحو سنتين. ويأتي الجواب مرة اخرى من الاوساط المشار اليها آنفاً التي تقول ان المرحلة المقبلة في المدى المنظور ستتميّز بطرح موضوع النفوذ الايراني الخارجي على بساط البحث. ورأت ان هذا الموضوع الذي سيرافق تعامل الادارة الاميركية الجديدة مع الملف النووي الايراني سيكون استكمالاً، ليس لما إنتهت اليه إدارة الرئيس ترامب، وإنما متابعة لما كانت إدارة الرئيس باراك اوباما تعتزم القيام به بعد إنجاز هذا الملف عام 2015. قد يكون من المبكر الآن التكهن بما ستكون عليه سياسة الرئيس الاميركي الجديد على هذا الصعيد، لكن معطيات هذه الاوساط المستندة إلى صلاتها بدوائر ديبلوماسية غربية في بيروت تفيد ان سياسة "اليد المطلقة" لـ "حزب الله" في لبنان قد تكون على مشارف تحوّل ستكون له آثاره على مستويات عدة.
 
ليس هناك في الاوساط المعنية بالشأن العام الداخلي من يملك بصيص رجاء في ان تتحسن الامور في البلاد في السنتين المتبقيتين للعهد. وإذا كان الشغل الشاغل هذه الايام هو موضوع تأليف حكومة جديدة، فإن هناك توقعات بأن تكون إجازة الرئيس المكلف سعد الحريري أطول بكثير من عطلة نهاية السنة. ففي معلومات اوساط إعلامية وثيقة الصلة بـ"حزب الله"، انه لن تكون هناك حكومة جديدة في لبنان قبل ان يفوز الرئيس عون بالثلث المعطّل ويتراجع الرئيس الحريري عن تمسكه بحقائب أساسية هي الداخلية والعدل. وبعد التدقيق في هذه المعلومات يتبيّن ان "حزب الله" يخطط للامساك بكامل مفاصل السلطة التنفيذية بعيداً من أية مواصفات وضعتها مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أيلول الماضي، مما يعني ان الحزب وراعيه الاقليمي يتجهان الى مرحلة جديدة من استخدام ورقة لبنان.
 
ما يمكن الحزب ان يحققه او لا يحققه، أمر متروك للمرحلة المقبلة لكي تقرره. في موازاة ذلك، تبدو نهاية ولاية الرئيس ترامب، نهاية لمرحلة إقليمية ودولية في آن واحد لن يكون لبنان بعيداً منها. في الايام الماضية بدأت نذر هذه النهاية تطل في بريطانيا لتنال من بطل الخروج من الاتحاد الاوروبي رئيس الوزراء بوريس جونسون الذي مني بفشل ذريع بالتعامل مع وباء كورونا وفق ما ورد في افتتاحية صحيفة "الأوبسرفر"، والتي جاءت بعنوان "خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في زمن كوفيد: أزمة كبيرة".
إن الرئيس جونسون الذي جاءت به الموجة الشعبوية والتي اوصلت الرئيس ترامب الى البيت الابيض، ها هو اليوم يترنح تحت وطأة ملف واحد. فما بالنا بشعبوية إيرانية أتت في لبنان بمن اوصل هذا البلد على مشارف لفظ الانفاس في كل الملفات تقريبا؟ انه على ما يبدو زمن رحيل الشعبوية في كل مكان. لكن لا بد من الحذر في مواكبة مرحلة جديدة في لبنان والعالم وتالياً بإطلاق التوقعات بشأنها بما في ذلك مصير عهد حافل بالإخفاقات. 
تابع الرئيس على
© 2024 ميشال سليمان جميع الحقوق محفوظة