لبنان نحو مرحلة الفراغات الدستورية وهذا ما قاله بايدن عنه...
النهار:
وجدي العريضي
لبنان نحو مرحلة الفراغات الدستورية وهذا ما قاله بايدن عنه...
بات محسوماً أكثر من أي وقت مضى، أنّ الحياة السياسية في لبنان دخلت إجازةً طويلة، وعلى اللبنانيين أن يتآلفوا مع هذا الواقع. وعلى هذه الخلفية يقول أحد السياسيين المخضرمين لـ"النهار" إنّ معطياته ومعلوماته المستقاة من الداخل والخارج تؤكد أن "لا حكومة في المدى المنظور"، وأنّ شعار "العهد القوي" سقط "لأنّ الميثاقية المنضوية في تكتلات نيابية مستقلة هي الأهم، و"الرأس الواحد" ومن معه من وزراء ونواب وأركان دولة لن يقلّع، وتكبير الحجر والشعارات يؤدي إلى الهلاك، وها نحن وصلنا إلى دار جهنّم على كل المستويات". ويضيف: "لقد دخلنا في معركة الاستحقاقات الداهمة وتصفية الحسابات، ورئيس الجمهورية ميشال عون قال في مجالسه كلاماً كبيراً عن الرئيس المكلف سعد الحريري قبل الفيديو الشهير أو ما سمّي "فيديو غايت"، وبالتالي "مش فارقة معو"، فكيف للبعض أن يتمنى على رئيس الجمهورية الاعتذار، لا بل إنّ الآتي أعظم في سياق ما سيشهده الحريري من العماد عون في هذه المرحلة، وكما قال أحدهم إنّ الأخير سينتقم لصهره رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، على خلفية قيام الحريري بتجاوزه وعدم الاتصال به والتشاور معه كرئيس لأكبر كتلة مسيحية. من هنا فإنّ معارك عون المقبلة باتت ضمن أجندة سيتوالى العمل بها وتنفيذها، من ترتيب البيت الرئاسي العوني بمعنى كيفية انتقال السلطة والاستمرار بها، ودون ذلك ليس من عناوين أخرى سوى الشروع في كيفية تغيير النظام، وهذا يتولاه حتماً "حزب الله" وهو بالأساس مطلب إيراني، ولكنّ بعبدا وتيارها هما دائماً في الواجهة لتلبية كل ما يأتي من طهران ويصل إلى حارة حريك، وهم بالتالي لا يخجلون من هذا التحالف أو مخاطر نسف الطائف، وما يمكن أن يسبّبه ذلك من حروب وانقسامات وتفتيت البلد وشرذمته، كما كانت الحال في حقبتَي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.
ويُبدي السياسي نفسه استهجانَه وقلقَه من "أجواء خطيرة سياسياً، وتحديداً دستورياً، بحيث يمكن أن نشهد فراغات بالجملة في وقت ليس ببعيد، على صعيد الاستحقاق الرئاسي وحتى النيابي والبلدي، وفق معلومات عن سعي العهد، بدعم من "حزب الله"، لإدخال لبنان في فراغ بسدّة الرئاسة الأولى، وذلك على إيقاع صراع سياسي لا أحد يعلم إلى أين سيجرّنا، في خضم هذا الانقسام الحاد الذي نمرّ به، وحيث البلد متروك للغربان وليس لإنقاذه أو خلاصه. ومن هذا المنطلق يتحضّر لبنان لمرحلة استثنائية تذكّر بالفراغات الرئاسية السابقة، وإذا جاز التعبير سيكون النزاع هذه المرة هو الأخطر على بنية البلد بكاملها، لأنّه سيدخلنا في المجهول".
وعلى خط موازٍ، لا تزال التساؤلات تكرّ تباعاً، بعدما دخل الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن البيت الأبيض، بمعنى هل سيبقى لبنان في هذه الوضعية، أم أنّ الإدارة الأميركية الجديدة ستشكّل أداة ضغط على إيران و"حزب الله" لترك لبنان؟ وهذه التساؤلات كما تشير أكثر من جهة سياسية لن تلقى أجوبة لأنّ أولوية بايدن معالجة وباء كورونا المنتشر في جميع أرجاء الولايات المتحدة الأميركية، ولكنّه يوم التقى رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان في قصر بعبدا عندما كان رئيساً للجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، تمنى سليمان على بايدن آنذاك أن يدعم لبنان ويقف إلى جانبه، ليردّ بايدن بما حرفيته: "أنا أحب لبنان والولايات المتحدة ولن نتخلى عنه، كما لن أسمح لإيران وسواها بالسيطرة عليه، وأعدكم بذلك". هذا الكلام يؤكد أنّ الرئيس الأميركي الجديد سيتخذ كل المواقف المتشدّدة للحفاظ على "وطن الأرز" وخصائصه، ولكنّ ذلك لن يأتي "بكبسة زر" في خضم الكباش الإقليمي، وحيث الانفجارات ما زالت تقع في بغداد وكذلك الحرب السورية لم تنتهِ، أي ثمة استحقاقات في الإقليم في غاية الخطورة، وهناك تحولات ومتغيرات متوقَّعة، والحرب بين إسرائيل وإيران أو في سوريا عدّتها جاهزة والتوتر مستمر، ما يعني أنّ لبنان هو المتلقّف الأكبر لكل هذه التطورات على اختلافها. وعلى هذا الأساس تتعاظم المخاوف من دخول لبنان في أتون #الفراغات الدستورية والصراعات السياسية الحادة، حيث "أمّ المواجهات" تحصل بين الحزب التقدمي الاشتراكي و"التيار الوطني الجر"، فالمساجلات حامية الوطيس، بينما "الجرة انكسرت" بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، ما يؤشر إلى واقع مرير في ظل هذه المشهدية المأسوية التي تحيط بالبلد على كل الصعد.
ويبقى وفق المعلومات المستقاة من أكثر من جهة داخلية وخارجية، إمكان ان يجري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتصالاً بالرئيس بايدن، مخصّصاً لكيفية مساعدة واشنطن في تنفيذ المبادرة الفرنسية، وهذه مسألة يعوّل عليها لكنّها تبقى في إطار التواصل الديبلوماسي إلى حين تأتي اللحظة الإقليمية المناسبة لولوج الحل النهائي، وهذا ليس على الطريق حالياً، إذ إنّ الأمور في غاية التعقيد والصعوبة راهناً.
https://www.annahar.com/arabic/section/76-سياسة/21012021095531768