03 شباط 2021
“ميشال سليمان” آخر رئيس ماروني لماذا؟ (٢/١)
الشرق:
يحي احمد الكعكي -“ميشال سليمان” آخر رئيس ماروني لماذا؟ (٢/١)
وأنا أتابع ما يمر به “لبنان” حاليًا من أزمة “وجود مصيرية” من ٢٠١٧ يفعل تغيّبه وتغيّيب اللبنانيين، من قبل جائحة “النرجسية” التي تحوّلت إلى سلالة جديدة قاتلة مع “حكامه الإلغائيين”.

و”النرجسية تعني “حب النفس” أو “الأنانية” وهي اضطراب في الشخصية حيث تتمثل بالغرور، والتعالي، والشعور بالأهمية والعظمة، والكسب الشخصي على حساب الآخرين.

كما يصاحب “الشخص النرجسي” حالة عقلية تسيّره في مسار بأن له أهمية خاصة مختلفة عمّن حوله، لأنه صاحب شأن أكبر مما هو عليه ممزوجًا بشعور غير عادي بالعظمة، تسيطر على صاحبها من خلال حب الذات، وعلى أنه شخص نادر الوجود، أو انه من نوع فريد من نوعية خاصة بشخصه وأفكاره.

و”النرجسي” شخصية إستغلالية، إبتزازية، إلغائية، وصولية، تستفيد من مزايا الآخرين وظروفهم في تحقيق مصالحها الشخصية، ويرجع ذلك إلى فرط الثقة بالنفس، والذي يُقابله في الوقت نفسه ركاكة الإحترام للذات عند أقل إنتقاد يتعرض له..!!

النرجسي” غيور، متمركز حول ذاته، يستميت من أجل الحصول على المناصب لا لتحقيق ما يفيد العامة من حوله، وإنما لتحقيق أهدافه الشخصية.

وأنا أتابع ما يمر به “لبنان كان يا ما كان” من أزمة “وجود مصيرية” -الإختلال، الذوبان، الإختفاء- بسبب أفعال “حكامه الإلغائيين النرجسيين”، اعادت بي ذاكرتي إلى “قراءتين” نُشرتا في هذه الزاوية، الأولى بتاريخ ٢٠١٥/٧/١٦، والثانية بتاريخ ٢٠١٧/٢/١٩ مع بداية هذه “الازمة المأساة”، الأولى تحت عنوان “ميشال سليمان” هل سيكون آخر رئيس ماروني لـ”لبنان الكبير”؟، والثانية تحت عنوان “ميشال سليمان آخر رئيس ماروني للبنان”..

ورأيت لو مزجتهما مع بعضهما البعض يحكيان ولو مع مرور الزمن -أكثر من أربعة أعوام- ما يمر به الآن “لبنان الكبير” الذي تحوّر مع جائحة “النرجسية الإلغائية” لحكامه الحاليين، إلى “لبنان الصغير” الذي يريدونه على شاكلتهم لتحقيق أهدافهم الشخصية فيه ويلغون الآخرين بنرجسيتهم .

قلت يومها: “ما بالُ الزمان يضُنّّ علينا برِجالٍِ يُنَبِهُونَ النَاسَ، ويرفعون الإلتباس، ويُفَكرون بِعزمِ، ولا ينفكّّوُن حتى يَنَالوا ما يَقْصدون”..!

وهو قول للمفكر العربي التنويري السياسي “عبدالرحمن الكواكبي” (الولادة في حلب ١٨٤٩- الوفاة في القاهرة ١٩٠٢) صاحب المؤلف الشهير “طبائع الإستبداد ومصارع الإستعباد”، وأظن ان حكام لبنان “النرجسيين الإلغائيين” لا يعرفون شيئًا عن “الكواكبي” ولم يسمعوا بكتابه..!!

وأضفت: ان ما يمر به اليوم “لبنان الكبير” هو تغيّيب نهائي لـ”وطن” في محرقة “صراع بقاء” بين إيديولوجيات بعيدة عن الوطنية الجامعة والهوية والإنتماء العربي، غاياتها فرض “الأمر الواقع” -الديكتات- على كل اللبنانيين الطيبين، بعد اختطاف هؤلاء اللبنانيين الطيبين وجعلهم رهائن عبر تهميشهم خطوة خطوة، بواسطة “الموت البطيء”.

إنه “الإستبداد السياسي” أو فرض الإرادات وإلغاء الآخر بمتلازمة “غطرسة القوة”، والتضحية في النهاية بـ”لبنان الدولة الوطنية”، لبنان الاستقلال، ولبنان الميثاقية الوطنية، ولبنان الكبير لصالح “لبنان الصغيرالفيدرالي اللاعروبي” بعدما عبّدت له كل الطرق لهذا المصير المجهول “لعبة” حكامه الإلغائيين”.

هذه “اللعبة” التي غايتها “تغيّيب الدولة” التي هي وحدة قانونية دائمة تتضمن وجود هيئة إجتماعية لها حق ممارسة سلطات قانونية معيّنة في مواجهة أمة مستقرة على إقليم محدّد وتُباشر الدولة حقوق السادة بإرادتها المنفردة عن طريق استخدام القوة التي تحتكرها للحفاظ على كيان هذه الأمة وإدارة شؤونها ومصالحها العامة ، حيث تقوم “قوى فعلية” تفتقر إلى الشرعية في الضغط لمشاركة السلطة العليا في اتخاذ القرار النهائي لـ”الدولة”..

وفي هذه الحالة تكون “الدولة” هنا ناقصة السيادة لأنها لا تستطيع ان تُمارس “القرار النهائي” للحفاظ على سيادتها منفردة كـ”سلطة سياسية مركزية” لأنّ كيانات -أو قوى فعلية – فيها اصبحت تُشاركها هذا القرار.

لذلك يرتعش الأمن فيها، وتَحِلُ “الفوضى الهدّامة” مكان القانون؛ وتصبح عندها “الدولة” كيان إجتماعي لا حول له ولا قوة.

كما كان أمر الدولة اللبنانية ما بين “١٩٧٥- ١٩٨٩” والتي كاد استقلالها يضيع لولا تجدّد -الميثاق الوطني- في “اتفاق الطائف” الذي كُرّس بـ”الإعلان الدستوري” الصادر في ١٩٩٠/٩/٢١ والذي أعاد “لبنان الكبير” إلى سويته السياسية.. وهو ما رفضه منذ ١٩٨٩/١١/٦ “البعض” من الحاكمين الآن لـ”لبنان كان يا ما كان”..

ثم عاد “الإستقلال” ليهتز مجددًا ما بين “٢٠٠٥- ٢٠٠٨”، لولا حكمة الجيش اللبناني وعلى رأسه “العماد ميشال سليمان” قائد الجيش آنذاك، والذي صان لبنان “الدولة والوطن” من التمزّق الداخلي، وآثار العدوان الإسرائيلي، وفتنة “الإرهاب المعَوْلم” الذي لادين له ولا وطن” ٢٠٠٧، و”الأحداث المؤلمة” أيار ٢٠٠٨. فكان في هذه المحن الكبرى عنوان “المؤسسة الوطنية الكبرى” التي صانت وحافظت على “الدستور اللبناني” ، من موقع “المسؤولية الوطنية” في كل هذه “الظروف الإستثنائية”، لذلك كان خيار “لبنان الواحد” هو أن يكون قائد الجيش “العماد ميشال سليمان” ، “الرئيس التوافقي” ليُحافظ على “لبنان الكبير” كـ”رئيس للجمهورية ” بعدما حافظ عليه كـ”قائد للجيش”.
وغدًا قراءة ثانية في الموضوع ذاته.
تابع الرئيس على
© 2024 ميشال سليمان جميع الحقوق محفوظة