“لبنان” في “قلب مصر” (٢/٢
الشرق:
يحي احمد الكعكي – “لبنان” في “قلب مصر” (٢/٢
أتابع في قراءة اليوم ما أشرت إليه في الحلقة الأولى امس، بأنّ “لبنان” في “قلب مصر” لما يجمع القطرين من علاقات استراتيجية عميقة، تمتد جذورها في “عبق الماضي” القديم والحديث، فرضتها الجغرافية والتاريخ على الصُعد الحياتية كافة.
ويمكنني التأكيد على القول، إن “الحرية” التي شعر بها اللبنانيون منذ القرن الـ١٩ في مصر، هي “الحرية” ذاتها التي شعر بها كل اللبنانيين على الصعيدين الشعبي والرسمي، والتي أكّدت على عمق “العلاقات التاريخية” الخاصة بين القطرين اللبناني والمصري.
وفي هذا السياق، أشرت أمس ما سمعه الرئيس اللبناني السابق “العماد ميشال سليمان” الذي زار القاهرة عام ٢٠٠٧ كقائد لـ”الجيش اللبناني البطل” الذي كان أول جيش عربي ينتصر على “الإرهاب المعَوْلم” الذي لا دين له ولا وطن.
وعاد “العماد ميشال سليمان” بعد زيارته هذه لـ”القاهرة”، “رئيسًا توافقيًا” لكل لبنان، ومن أجل كل لبنان، والذي إزدهرت في عهده علاقات “لبنان” ب “محيطه العربي”، والذي عبّدت له “القاهرة” كل الطرق لصالح “خير عام لبنان”؛ بدون أي “أجندات سياسية”.
كما أشرت إلى “الحرية” التي شعر بها مفتي الجمهورية اللبنانية “سماحة الشيخ عبداللطيف دريان”، والبطريرك الكاردينال “مار بشارة بطرس الراعي” في زيارتهما لـ”القاهرة” في عام ٢٠١٥، وما شعر به “البطريرك الراعي” في لقائه الثاني مع الرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي” في ٢٠١٩/١١/٢٨، وكان يُشارك في مؤتمر “الحرية والمواطنة” الذي نظمه “الأزهر الشريف”.
ويومها أكّد الرئيس المصري مرحبًا بالكاردينال البطريرك “الراعي” مشيدًا :”بالحوار البنّاء الذي دار بين المشاركين من الديانات والطوائف والمذاهب المختلفة حول قضايا المواطنة والحرية والتنوّع الاجتماعي والثقافي”.
وأكُد “السيسي” في هذا الإطار على الأهمية الكبيرة لتعزيز قيم التسامح والسلام وقبول الآخر، بما يدحض التفسيرات المتطرفة التي تتبناها جماعات الارهاب، ويُسهم في ترسيخ المواطنة والمساواة في الدول العربية والمنطقة التي شهدت تعايشًا مشتركًا لقرون طويلة في إطار الحضارة العربية”، ومشيرًا “إلى الدور الكبير لرجال الدين كافة في مكافحة الفكر المتطرف، والتصدّي لمحاولات النيل من وحدة النسيج الوطني، فضلاً عن ترسيخ مبادئ الوسطية والإعتدال ونشر الوعي بالقيم السمحة للأديان”.
كما اكّد “الرئيس السيسي” خلال اللقاء “حرص مصر على تعزيز امن واستقرار لبنان خصوصًا في ضوء الظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة بأكملها، والتي تفرض بذل مزيد من الجهد لتحقيق التوافق الوطني داخل البلدان العربية”.
وهي “الحرية” ذاتها التي شعر رئيس مجلس النواب اللبناني “ا لأستاذ نبيه بري” في ٢٠١٧/١١/٥ حين أعرب من جانبه عن “تقديره والشعب اللبناني لمصر قيادة وشعبًا، ومشددًا على قوة العلاقات بين مصر ولبنان، وتطلعه إلى دفعها إلى آفاق الأرض، وتنشيط العلاقات الإقتصادية الإستثمارية بين البلدين بما يتناسب مع عمق وتميّز العلاقات السياسية بينهما”.
وقال يومها” السفير بسام راضي” الناطق الرسمي باسم الرئاسة المصرية في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية المصرية “أن اللقاء تطرّق لعدد من القضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك ، ومنها آخر المستجدات في الساحة الداخلية اللبنانية إذ أكّد بري على أهمية التوفيق بين مختلف القوى السياسية اللبنانية وإعلاء للمصلحة الوطنية وتحقيق الإستقرار السياسي” ، وأعرب “الرئيس المصري” في لقائه مع الرئيس “بري” ، عن اهتمام مصر بالحفاظ على أمن واستقرار لبنان، ووقوفها إلى جانبه ودعمه في مواجهة التحديات الراهنة”.
وأضاف “راضي”: “كما أكّد الرئيس السيسي على أهمية تجنّب جميع أشكال التوتر والتطرف المذهبي والديني، ورفض مساعي التدخل في الشؤون الداخلية للبنان”. ومؤكدًاً على إن اللبنانيين فقط هم المعنيون بالتوصل إلى الصيغة السياسية التي يرتضونها وتحقًق مصالح الشعب اللبناني الشقيق التي يجب أن تحتل الأولوية القصوى”، ونوّه “السيسي” إلى أهمية تحقيق التكاتف بين مختلف فصائل الشعب اللبناني، معبرًا عن نفسه في وعيه وقدرته على صون لبنان”.
وهذه “الحرية” هي ذاتها التي شعر بها الرئيس “العماد ميشال عون” خلال زيارته للقاهرة في ٢٠١٧/٢/١٢، وهذه “الحرية” في “التفكير والتعبير”، أطل ا”لرئيس عون” منهما من “بيت العرب الكبير” مخاطبًا الداخل اللبناني، ومحيطه العربي وإقليمه الشرق أوسطي، والعالم كله.
وقال “السيسي” في مؤتمر صحافي مع “عون”، عقب جلسة مباحثات تناولت العلاقات الثنائية والأوضاع الإقليمية: “ان مصر ستواصل دعمها للبنان على جميع الصعد”… كما اعرب عن “الإعتزاز بعمق العلاقات والروابط بين البلدين على المستويين الرسمي والشعبي”.. وموضحًا “حرصه على نموذج الدولة الوطنية في لبنان، وضرورة تجنيب لبنان صراعات المنطقة المشتعلة، في إطار الإهتمام المصري الدائم، بكل ما فيه مصلحة لبنان وشعبه”.
وهي “الحرية” ذاتها التي تحدث بها ومعها “وليد جنبلاط” عن أوضاع لبنان مع “الرئيس السيسي” في ٢٠١٩/٩/٥، حين استقبله الرئيس المصري في القصر الرئاسي بالقاهرة… وقال “السفير بسام راضي” المتحدث باسم الرئاسة المصرية في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية المصرية عقب اللقاء: “ان الرئيس أكّد على الإعتزاز بعمق العلاقات الوطيدة بين مصر ولبنان على المستويين الرسمي والشعبي”، ومشددًا “على حرص مصر على سلامة وأمن واستقرار لبنان”، كما أكّد “الرئيس السيسي” على: “إن مصر تثمّن دور جنبلاط العروبي للحفاظ على الإستقرار والتوازن في لبنان”.
من جانبه، أكّد “وليد جنبلاط”: “على حرص لبنان على تعزيز العلاقات التاريخية الوطيدة التي تربط لبنان ومصر، معبّرًا عن تقديره للجهد المصري في دعم لبنان في كافة المجالات، وكذلك كركيزة محورية وضامن أساسي لحفظ الإستقرار بلبنان والمنطقة العربية ككل”.
وقال في ٢٠١٩/٩/٦ مغرّدًا على “تويتر”: “في مصر تشعر بهيبة الدولة وترى حركة العمران في كل مكان، وإذا كان المرء يستشعر ذكريات الماضي، لكن يرى في القيادة المتمثلة بالرئيس السيسي توجهًا استراتيجيًا لمصر والمنطقة العربية، دون إهمال دور مصر في أفريقيا ، والأهم أن العروبة متأصّلة وتبقى الأساس لإخراج المشرق العربي من عصبياته المتخلفة”.
لذلك قلت في الماضي، وأؤكًد اليوم، على أن “لبنان” الواحد الموحّد ارضًا وشعبًا وسلطة سياسية، سيبقى في “قلب مصر”، مهما كانت التضحيات المصرية من اجل ان يبقى “لبنان” فوق أي اعتبار في “القرار المصري” من دون أي “أجندات سياسية” فيه أو في المنطقة، للحفاظ على “استقرار لبنان”، لأنّ “إستقرار لبنان ضروري ومهم للأمة العربية” كما أكّد “السيسي” على ذلك، خلال استقباله لـ”عون” في العام ٢٠١٧.