09 آذار 2021
رسائل قائد.. ووجع مؤسسة


كتب الاعلامي أديب أبي عقل:

في غمرة الصراع القائم على المستوى السياسي والانتفاضة الشعبية التي عادت بزخم الى الشوارع والطرقات، ووسط وضع اقتصادي ومالي متفاقم تدهوراً، يتطلع الناس نحو من يعبَر عن وجعهم وألمهم، وإن كان من يعبَرون عن تطلعات سياسية فيها خريطة طريق نحو الخلاص تبقى طروحاتهم محط أخذ ورد او تأييد وانتقاد.

وفي هذا الجو الملبد والمكفهر جاءت صرخة قائد الجيش العماد جوزف عون تنير طريق المحتجين، وتدعو المسؤولين الى التبصر في ما هو حاصل وقراءته، واستخلاص العبر كي يسهل عليهم اجتراح الحلول ووضع المعاناة الراهنة على طريق الانهاء.

واذا كان صحيحا ان العماد كان حاسماً في موقف الجيش بالتصدي لأي تعدٍ على الاملاك العامة والخاصة، فإن الصحيح أيضا أنه ارسل اشارة واضحة الى المسؤولين عموما والمعنيين منهم خصوصا بأن راتب الضابط لم يعد يساوي سوى بضعة دولارات وكذلك راتب الجندي الموجود على الحدود وفي الجرود وعلى الطرقات وفي السكنات.

هذا في الشكل، اما في المضمون فكلامه يعبِر عن غضب وقلق. فالغضب هو من التخنفيض المستمر في موازنة الجيش على رغم المهمات التي يتم تكليفه بها من السلطة السياسية لحفظ الأمن، فضلاً عن اعمال مكافحة الارهاب، وملاحقة الخلايا التابعة له الناشطة منها والنائمة، ما يثبط عزيمة اهل القرار في المؤسسة وانعكاس ذلك على ادائها. أما القلق فهو من محاولات وضع يد السياسيين على المؤسسة  وما يعنيه ذلك من شل لقدراتها الذاتية اولا، ولجهة قيامها بواجباتها ثانيا.

ولعل الاكثر خطورة تحت عنوان القلق وتاليا التدخل السياسي والطائفي في شؤون المؤسسة هو تحذير العماد من اي محاولة لفرط الجيش وما يعنيه ذلك من انهاء للكيان. فمع اللواء فؤاد شهاب  كان بناء الجيش اللبناني، ومع العماد فكتورخوري كانت اعادة لملمة الوحدات والقطع وتوحيدها بعد حرب السنتين. ومع العماد اميل لحود، وبعد كل ما حصل في لبنان وأدى الى اتفاق الطائف، تم دمج الألوية. ومع العماد ميشال سليمان تم اغلاق ابواب المؤسسة ونوافذها في وجه تدخلات الخارج من سياسيين وغير سياسيين. وهذا التوجه يتابعه اليوم العماد جوزف عون ومعه اركان المؤسسة وضباطها وعناصرها.

اما الرسالة السياسية الميدانية في كلام القائد فهي في الاسئلة التي طرحها على السياسيين وتحمل أجوبتها في طياتها. والترجمة العملية لهذه الأجوبة انه من المستحيل وغير المنطقي أن تطلب ممن هو "جائع" اليوم، أن يقمع ثائرا على الجوع مع تنبيهه الى ان الاعتداءات على الممتلكات خارج اطار التظاهر والتحرك الاحتجاجي ممنوعة بقوة.

ثمة من وضع توقيت كلام قائد الجيش في اطار سياسي تحركه قوى خارجية، بهدف خلق  ضغط مكمِل للضغط المالي والنقدي المتمثل بتحليق سعر صرف الدولار الاميركي قياسا الى الليرة اللبنانية. الا ان الواضح ان من يعرف شخصية قائد الجيش يدرك انه ليس من طينة هؤلاء الاشخاص. فهو أوضح أمس أن الجيش هو الحصن الحصين لحماية الكيان اللبناني ونهوض الدولة العادلة التي يفترض بالمسؤولين فيها العمل تحت سقف الدستور واحترام القوانين، وقبل ذلك كله وفق ضميرهم الذي يبحث عنه الجيش مع المواطنين للوصول الى وطن يصبو اليه اللبنانيون ويفخرون بالانتماء اليه.
 
تابع الرئيس على
© 2024 ميشال سليمان جميع الحقوق محفوظة