16 آذار 2021
حياد وتحييد ونأي بالنفس... اعلان بعبدا
المركزية:
اديب ابي عقل

حياد وتحييد ونأي بالنفس... اعلان بعبدا

:المركزية – كتب أديب ابي عقل ليس للحياد اكثر من معنى أومفهوم على رغم أن له أكثر من قراءة وشرح واجتهاد في التفسير. فمن النأي بالنفس الى التحييد الى الحياد، أكثر من أقنوم لمعنى او مفهوم واحد، ولا جدوى من البحث في المنجد أو القواميس لايجاد أكثر من معنى أو مفهوم.
والحياد أو التحييد او النأي بالنفس ليس شيئا جديدا، وهوكان واقعا قائما وملموسا منذ البيان الوزاري الأول حيث " لا شرق ولا غرب" و" لبنان مع العرب اذا اتفقوا وعلى الحياد اذا اختلفوا"، حين كرر وزير الخارجية  فؤاد نفاع على عهد الرئيس الراحل سليمان فرنجية هذه العبارة، وحملها معه الى القمم العربية التي حضرها آنذاك، حيث بدأت ملامح الصراعات العربية- العربية تظهر، وبدأت تظهر معها محاور في المنطقة، نجح لبنان في البقاء في منأى عنها لغاية اندلاع "حرب الآخرين" على أرضه بأدوات لبنانية، ودخول الطرف الفلسطيني ثم السوري بـ "قبة باط" وتقاطع مصالح اقليمي ودولي.
إلا أن الحياد آنذاك استثنى الصراع مع اسرائيل التي شاركت بشكل مباشر وغير مباشر في تأجيج الصراع الداخلي لاضعاف الدولة اللبنانية، خصوصا وأن في خلال عدوان شنته في العام 1972 واجهها الجيش اللبناني مستعينا يومها بفوج المغاوير الذي واجه المعتدين وأجبرهم على التراجع، ما حدا بقائد تلك الحملة الاسرائيلية إلى القول عن المغاوير:"واجهتنا صنوف من أكلة لحوم البشر"، معبِرا بذلك عن شراسة عناصر مغاوير الجيش في المواجهة، خصوصا بعد انتشار صورة الدبابة الاسرائيلية التي اجتاحت سيارة فيها عائلة مدنية لبنانية.
وليست مطالبة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي باعتماد الحياد بأمر جديد، إلا أن محاولة أخذ لبنان الى محاور وإلحاقه بها، جعلته يقدم على ذلك نظرا لإلىاستشعاره خطورة مثل هذا الانزلاق الى محاور، على الكيان عموما والمسيحيين خصوصا.
ليست المسألة في حاجة الى التدويل او إلى المؤتمر الدولي، خصوصا وأن "إعلان بعبدا"، الصادر في عهد الرئيس العماد ميشال سليمان، واضح الهدف والتفاصيل في هذا الشأن. وهو أصبح وثيقة رسمية من وثائق الأمم المتحدة التي شددت على لسان الأمين العام السابق والراهن فيها على أهمية تطبيق هذا الاعلان بالنسبة الى لبنان واللبنانيين. وهو كذلك هووثيقة من وثائق جامعة الدول العربية التي أشارت إليه بطريقة غير مباشرة في بيانات ختامية لقمم عربية، بعد ضغوط ومداخلات وتدخلات من أجل  ذكره بالاسم. وهذا يتلاقى مع مواقف المسؤولين في الدولة اليوم الذين تحمل مواقفهم اليوم المعنى نفسه، ولكن مع الحرص على التنويع في اختيار المفردات والتفريق بين الحياد والتحييد والنأي بالنفس، إلا أنهم في النتيجة يرمون الى الهدف نفسه خشية رد فعل المجتمع الدولي المعروف التوجه والمطالب التي يحاول بعض لبنان الرسمي وغير الرسمي المكابرة في انكارها والتذاكي في الالتفاف عليها.
وفي النتيجة، في بلد تعددي كلبنان ومنفتح ككيان على الغرب والشرق، تبقى مصلحته ومصلحة ابنائه في عدم الغوص في "لعبة أمم" اقليمية ودولية، بل في ابقائه في منأى عن كل ما يحصل باستثناء الصراع مع اسرائيل الذي يخضع هو الآخر لمعادلات السلام الشامل والعادل على  قاعدة مبادرة بيروت العربية بالنسبة الى لبنان، لأن فيها الحل الذي يمنع التوطين، ومن خلاله تعود الدولة السيدة صاحبة القرار التي انتظرها اللبنانيون طويلا.
تابع الرئيس على
© 2024 ميشال سليمان جميع الحقوق محفوظة