اتفاق بعبدا ام الحرب؟ ماذا سيختار اللبنانيون؟
الثائر
اتفاق بعبدا ام الحرب؟ ماذا سيختار اللبنانيون؟
لقد أظهرت الأحداث الأخيرة التي عصفت بلبنان، أننا نعيش في قلب حرب غير معلنة بين الأطراف والأحزاب السياسية، كادت أن تنفجر الأسبوع الفائت، وتُفجّر معها ما تبقّى من مظاهر وحدة في هذا الوطن.
حرب في الإعلام، وشحن مذهبي وطائفي، وحرب في القضاء وعليه، وحرب في الاقتصاد والدولار والتهريب والصفقات والسمسرات التي أنهكت البلاد والعباد، وحرب في الدستور والصلاحيات والاجتهاد والقانون والمراسيم والتعاميم، عطّلت كل الأنظمة والقوانين وإدارات الدولة.
حرب استراتيجيات وتبعيات، نستحضر عبرها إلى شوارع بيروت، حروب الشرق والغرب وانقساماته ورهاناته، من فلسطين إلى سوريا والعراق واليمن، وصولاً إلى ليبيا وفنزويلا وأرمينيا وأفغانستان، وكل يُغنّي على ليلاه، فيما وحدَة الشعب وهوية الوطن تُذبح كل يوم ، وكأن الجميع أصابهم الجنون، وباتوا يستعدون للحرب، ويستسهلون لعبة الدم والنار.
قلة هم الحكماء في بلد تسكنه الضغينة والتعصب والانقسام، ويسمن زعماؤه بغذاء المذهبية والتفرقة وتأليب الناس بعضهم على بعض.
هل يستطيع أحد أن يوقف حفلة الجنون هذه، ويُعيد قادة لبنان إلى طاولة الحوار، كما فعل رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال سليمان؟ أم سيترحّم اللبنانيون على حكمة هذا الرجل وزمانه؟ .
بتاريخ ٢٠١٢/٦/١١ دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان القادة اللبنانيين إلى طاولة حوار في بعبدا، وتم التوافق يومها على مبادئ عُرفت لاحقاً ب «إعلان بعبدا» الذي كانت أهم عناوينه؛ الالتزام بالحوار، وتثبيت الاستقرار، وعدم اللجؤ إلى السلاح، وتعزيز مؤسسات الدولة، ودعم الجيش وسلطة القضاء، وتنفيذ خطة النهوض الاقتصادي ، والابتعاد عن التحريض الطائفي، والتأكيد على العيش المشترك، والتمسّك باتفاق الطائف، وتحييد لبنان عن سياسة المحاور، وضبط الحدود اللبنانية، والإلتزام بالقرارات الدولية، وتحديد موعد لمناقشة الاستراتيجية الوطنية للدفاع.
كلها عناوين يحتاجها لبنان اليوم أكثر من أي وقت مضى، كما يحتاج إلى رئيس قادر على جمع القادة اللبنانيين حول طاولة واحدة، للحوار من أجل إنقاذ الوطن، قبل فوات الآوان، ولن تفيد المكابرة والمزايدات، ولا الحصول على وزير أو نائب أو أكثر، فماذا سينفعكم ذلك إذا خسرتم الوطن؟
وربما من المفيد إنعاش ذاكرة البعض وتذكيرهم بما اتفقوا عليه في بعبدا، حيث تم الاتفاق على النقاط التالية:
1- إلتزام نهج الحوار والتهدئة الأمنيّة والسياسيّة والإعلاميّة والسعي للتوافق على ثوابت وقواسم مشتركة.
2- إلتزام العمل على تثبيت دعائم الاستقرار وصون السلم الأهلي والحؤول دون اللجوء إلى العنف والانزلاق بالبلاد إلى الفتنة، وتعميق البحث حول السبل السياسية الكفيلة بتحقيق هذا الهدف.
3- دعوة المواطنين بكلّ فئاتهم للوعي والتيقّن، بأنّ اللجوء إلى السلاح والعنف، مهما تكن الهواجس والاحتقانات، يؤدّي إلى خسارة محتّمة وضرر لجميع الأطراف ويهدّد أرزاق الناس ومستقبلهم ومستقبل الأجيال الطالعة.
4- العمل على تعزيز مؤسسات الدولة وتشجيع ثقافة الاحتكام إلى القانون والمؤسسات الشرعيّة لحلّ أيّ خلاف أو إشكال طارئ.
5- دعم الجيش على الصعيدين المعنوي والمادي بصفته المؤسسة الضامنة للسلم الأهلي والمجسّدة للوحدة الوطنيّة، وتكريس الجهد اللازم لتمكينه وسائر القوى الأمنيّة الشرعيّة من التعامل مع الحالات الأمنيّة الطارئة وفقاً لخطة انتشار تسمح بفرض سلطة الدولة والأمن والاستقرار.
6- دعم سلطة القضاء تمكيناً من فرض أحكام القانون بصورة عادلة ومن دون تمييز.
7- الدعوة الى تنفيذ خطة نهوض اقتصادي واجتماعي في مختلف المناطق اللبنانيّة.
8- دعوة جميع القوى السياسيّة وقادة الفكر والرأي الى الابتعاد عن حدّة الخطاب السياسي والإعلامي وعن كلّ ما يثير الخلافات والتشنّج والتحريض الطائفي والمذهبي، بما يحقّق الوحدة الوطنيّة ويعزّز المنعة الداخليّة في مواجهة الأخطار الخارجيّة، ولا سيَما منها الخطر الذي يمثّله العدوّ الإسرائيلي، وبما ينعكس إيجاباً على الرأي العام وعلى القطاعات الاقتصاديّة والسياحيّة والأوضاع الاجتماعيّة.
9- التأكيد على ضرورة إلتزام ميثاق الشرف الذي سبق أن صدر عن هيئة الحوار الوطني لضبط التخاطب السياسي والإعلامي، بما يساهم في خلق بيئة حاضنة ومؤاتية للتهدئة ولتكريس لبنان كمركز لحوار الحضارات والديانات والثقافات.
10- تأكيد الثقة بلبنان كوطن نهائي وبصيغة العيش المشترك وبضرورة التمسّك بالمبادئ الواردة في مقدمة الدستور بصفتها مبادئ تأسيسيّة ثابتة.
11- التمسّك باتفاق الطائف ومواصلة تنفيذ كامل بنوده.
12- تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليميّة والدوليّة وتجنيبه الانعكاسات السلبيّة للتوتّرات والأزمات الإقليميّة، وذلك حرصاً على مصلحته العليا ووحدته الوطنيّة وسلمه الأهلي، ما عدا ما يتعلق بواجب إلتزام قرارات الشرعيّة الدوليّة والإجماع العربي والقضيّة الفلسطينيّة المحقّة، بما في ذلك حقّ اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وديارهم وعدم توطينهم.
13- الحرص تالياً على ضبط الأوضاع على طول الحدود اللبنانيّة السوريّة وعدم السماح بإقامة منطقة عازلة في لبنان وباستعمال لبنان مقرّاً أو ممراً أو منطلقاً لتهريب السلاح والمسلحين، ويبقى الحقّ في التضامن الإنساني والتعبير السياسي والإعلامي مكفول تحت سقف الدستور والقانون.
14- إلتزام القرارات الدوليّة، بما في ذلك القرار1701.
15- مواصلة دراسة السبل الكفيلة بوضع الآليّات لتنفيذ القرارات السابقة التي تمّ التوافق عليها في طاولة وهيئة الحوار الوطني.
16- تحديد الساعة الحادية عشرة قبل ظهر الاثنين الواقع فيه 25 حزيران الجاري موعداً للجلسة المقبلة لهيئة الحوار الوطني لمواصلة البحث في بنود جدول أعمالها والتي ستكون الاستراتيجية الوطنية للدفاع في صلب المناقشات.
17- اعتبار هذا البيان مثابة “إعلان بعبدا” يلتزمه جميع الأطراف وتبلّغ نسخة منه إلى جامعة الدول العربيّة ومنظمة الامم المتحدة.