الطريق إلى رئاسة الجمهورية (12): ميشال سليمان «جنرال الحوار».. دخل بإتفاق الدوحة وخرج بإعلان بعبدا!
جنوبية
ياسين شبلي
الطريق إلى رئاسة الجمهورية (12): ميشال سليمان «جنرال الحوار».. دخل بإتفاق الدوحة وخرج بإعلان بعبدا!
كما جاء الرئيس اللواء فؤاد شهاب إلى الحكم بعد أزمة 1958، كذلك وصل الرئيس ميشال سليمان إلى سدة الرئاسة نتيجة أزمة مستحكمة بين الأطراف السياسية اللبنانية، بسبب الخلاف حول ظروف إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لمحاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وإن كان البعض حاول إلباسها لبوس الخلاف حول عدوان تموز 2006، لمحاولة تضييع البوصلة وشد العصب الطائفي والمذهبي، الذي إنتهى بإنفجار أحداث السابع من أيار 2008. ميشال سليمان هو الرئيس الثاني عشر للجمهورية اللبنانية، والرابع للجمهورية الثانية المنبثقة عن إتفاق الطائف، وهو الجنرال الثالث الذي يأتي من اليرزة مقر قيادة الجيش إلى بعبدا، حيث مقر رئاسة الجمهورية بعد فؤاد شهاب وإميل لحود. ولد في عمشيت قضاء جبيل في 21 تشرين الثاني من عام 1948، تطوع في المدرسة الحربية عام 1967 وتخرج منها عام 1970 برتبة ملازم أول، وتابع عدة دورات تدريبية في الخارج، حصل على إجازة في العلوم السياسية والإدارية عام 1980 من الجامعة اللبنانية، تدرج في الخدمة العسكرية والرتب حتى رقي إلى رتبة عماد في 21 كانون الأول 1998، وعُيِّن قائداً للجيش حيث رافق الرئيس إميل لحود طيلة عهده، وإستمر بتولي القيادة إلى حين إنتخابه رئيساً للجمهورية في 25 أيار 2008. أثناء قيادته للجيش، خاض معركة جرود الضنية نهاية عام 1999 ضد الجماعات المتطرفة، حيث تم القضاء على معظم أفرادها وتفكيك الخلايا المرتبطة بها، كذلك خاض في العام 2007 معركة مخيم نهر البارد ضد تنظيم “فتح الإسلام”، في مرحلة دقيقة وخطيرة من تاريخ لبنان، حيث الصراع السياسي على أشده بين فريقي 8 و 14 آذار، إذ كانت الحكومة منقسمة وجزء من الشعب معتصم وسط بيروت، بحيث بدت هذه المعركة وكأنها جزء من هذا الصراع السياسي بين الطرفين، وذلك عندما أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يومها بلسان فريق 8 آذار، معارضتهم خوض هذه المعركة بذريعة الحفاظ على المدنيين، حد إعتبار إقتحام المخيم “خط أحمر” لا يجب تجاوزه، ولكن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة غطت يومها هذا القرار، فكانت معركة قاسية خاضها الجيش اللبناني بقيادة سليمان بإحترافية، ودامت حوالي 4 أشهر وأدت إلى إستشهاد نحو 176 عسكرياً، وتحرير المخيم من الجماعة الإرهابية.
فضلاً عن المعارك العسكرية التي خاضها الجيش تحت قيادة ميشال سليمان، لم تكن التطورات السياسية والأمنية، التي حدثت في أعقاب إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بأقل قسوة وخطورة ، فقد إنفجر الصراع السياسي يومها بين السلطة والمعارضة، وتم الفرز على أساس 8 و 14 آذار، فإختار ميشال سليمان – على طريقة فؤاد شهاب – إبعاد الجيش عن هذا الصراع، ما عرَّضه يومها لإنتقادات أهل السلطة من القوى المؤيدة للنظام السوري، لأنه لم يقمع التظاهرات التي أعقبت إغتيال الحريري، وأدت لاحقاً ل “ثورة الأرز”. حافظ سليمان على حياد الجيش، وفي نفس الوقت حافظ على الأملاك العامة والخاصة، تماماً كما تصرف فؤاد شهاب عام 1958، كما نجح في إعادة إنتشار الجيش، ليتسلم مواقع الجيش السوري بعد إنسحابه، وإن كان عجز عن كشف شبكات الإرهاب، التي كانت تمعن في التفجيرات والإغتيالات ضد فريق 14 آذار ، كذلك فعل بعد إنتهاء حرب تموز 2006 وعودة الإنقسام على خلفية المحكمة الدولية، حيث إنسحبت قوى 8 آذار بقيادة حزب الله، الذي بات يمثل رأس حربة هذا الفريق في الصراع السياسي الداخلي، بعد إنسحاب الجيش السوري من لبنان وسقوط أدواته الأمنية من السلطة، وإنسحبت من حكومة الرئيس السنيورة، وأعلنت إعتصاماً مفتوحاً وسط العاصمة، للمطالبة بإستقالة باقي الحكومة، كما أغلقت مجلس النواب لرفضها التصديق على المحكمة الدولية، ما أدى أيضاً إلى تعطيل الإنتخابات الرئاسية، بعد إنتهاء ولاية إميل لحود في 23 تشرين الثاني 2007.
تطورت الأحداث لتنفجر يوم السابع من أيار 2008، على خلفية قرارات إتخذتها حكومة السنيورة بإقالة مدير جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير، وكذلك مصادرة شبكة الإتصالات التابع لحزب الله، و شكَّلت هذه الأحداث وهي الأخطر داخلياً منذ إنتهاء الحرب الأهلية، مفصلاً مهماً في تطور الأوضاع اللبنانية لاحقاً، ويمكن القول بأنها كانت بداية النهاية لقوى 14 آذار كتنظيم، وبالتالي هي البداية الفعلية لوضع حزب الله وفريق 8 آذار يده على السلطة في لبنان، وذلك عبر إتفاق الدوحة الذي تم “التوافق” عليه تحت ضغط الأحداث في 21 أيار 2008، بحيث تم الإتفاق على إنتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، هو الذي وقف على الحياد أيضاً في أحداث 7 أيار، كما فعل في المرات السابقة منذ إغتيال الحريري – مع إختلاف الظروف بين سلمية المظاهرات وإستخدام السلاح – وهو ما جرَّ عليه إنتقادات من جانب قوى 14 آذار، التي كانت قد تبنت ترشيحه لرئاسة الجمهورية كمرشح توافقي في 2 كانون الأول 2007، وذلك لعدم تدخله لحماية المواطنين الآمنين في الوقت الذي جعله هذا الحياد مقبولاً من الجانب الآخر، كذلك تم الإتفاق على آلية تشكيل الحكومة بإعطاء الثلث المعطل لقوى 8 آذار، ليكون بمثابة حل مؤقت حتى إجراء الإنتخابات النيابية الجديدة. هكذا تم فك إعتصام المعارضة في وسط بيروت، كذلك إنتخاب سليمان رئيساً للجمهورية في 25 أيار 2008 بأغلبية 118 صوتاً، وبحضور شخصيات عربية ودولية رفيعة في ظاهرة غير مسبوقة في لبنان، وتم تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، ضمت لأول مرة وزراء للتيار الوطني الحر التابع للجنرال ميشال عون، الذي كان أعلن أن أحداث السابع من أيار أعادت القطار إلى السكة الصحيحة. بدأ ميشال سليمان وهو الآتي من “إتفاق الدوحة” عهده بإرساء نهج الحوار، عبر عدة جلسات بدأت في 16 أيلول 2008، تم التوافق خلالها على ملفي النفط والعلاقة مع سوريا، كما كُلِّفت لجنة عسكرية بدرس موضوع الإستراتيجية الدفاعية. ففي ملف العلاقات مع سوريا، كان الرئيس سليمان قد قام بزيارته الأولى لدمشق في 13 آب، أي بعد أقل من ثلاثة أشهر على توليه المسؤولية، إتفق خلالها مع الرئيس السوري على تبادل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين لأول مرة في تاريخ العلاقات بين الدولتين، وهو ما تمت ترجمته بعدها، بإعلان بدء العلاقات الدبلوماسية بينهما في 15 تشرين الأول 2008. داخلياً سارت الأمور على ما يرام – نسبياً – حتى الإنتخابات النيابية التي تمت في 7 حزيران 2009، والتي كسبتها قوى 14 آذار، بالرغم من أنها تمت بموجب قانون الستين، الذي أصرت عليه قوى الثامن من آذار، خاصة الطرف المسيحي، الذي إعتبر أن هذا القانون يعطي التمثيل الأفضل للمسيحيين، وأن إقراره يُمثل نصراً سياسياً له. بعد الإنتخابات، التي كان من المفروض أن تكون هي الفصل الأخير من إتفاق الدوحة، والعودة بعدها للعمل حسب الأصول الدستورية والسياسية المتبعة بحسب إتفاق الطائف، خاصة وأن السيد حسن نصر الله كان قد قالها علناً يومها وبالفم الملآن – إللي بيربح صحتين ع قلبو – تراجعت قوى الثامن من آذار عن إلتزاماتها تحت عنوان “الشرعية الشعبية” التي تتمتع بها ، فكان ذلك هو أول “إنقلاب” على إتفاق الدوحة – إذا صح التعبير – بمعنى ” تثبيته ” – لمصلحة حزب الله بقوة الأمر الواقع – في الحياة السياسية بديلاً لإتفاق الطائف، وهو الذي كان إتفاقاً مرحلياً تنتهي مفاعيله حال إجراء الإنتخابات النيابية. هذا الإنقلاب، تُرجم بعرقلة تشكيل الحكومة الأولى لسعد الحريري، الذي كُلِّف بتشكيلها بحسب نتائج الإنتخابات، حيث قدم الحريري إعتذاره عن التشكيل في 10 أيلول، بعد خلافات مع التيار الوطني الحر – مدعوماً من حزب الله – بسبب الإصرار على توزير جبران باسيل، وهو الراسب في الإنتخابات، وبسبب الخلاف حول الحقائب الوزارية، أعيد تكليف الحريري في 16 أيلول، وكان قد تم في هذه الأثناء إعادة تموضع للنائب وليد جنبلاط، بحيث خرج من قوى 14 آذار ليتموضع في “الوسط” كما قال يومها، ما أضعف بالطبع جبهة الموالاة، الأمر الذي ترك أثره على التشكيلة الحكومية لسعد الحريري، التي أعلنها في 9 تشرين الثاني وضمت 12 وزيراً لقوى الرابع عشر من آذار، و3 وزراء لوليد جنبلاط وعشرة وزراء لقوى الثامن من آذار و5 محسوبين على الرئيس ميشال سليمان بينهم شيعي هو عدنان السيد حسين ،الذي تبين فيما بعد أنه كان “وديعة” خفية لحزب الله في الحكومة، ما لبث أن كان عدة “الإنقلاب” الثاني على إتفاق الدوحة، والرئيس هذه المرة، الذي قادته قوى 8 آذار بقيادة حزب الله على حكومة سعد الحريري بذريعة “شهود الزور” في 12 كانون الثاني 2011، وهو يستعد للإجتماع بالرئيس الأميركي باراك أوباما في تصرف “أرعن”، أقل ما يقال فيه أنه سلوك غير مسؤول، ولا يمت للوطنية بأية صلة.
تعزز الإنقلاب السياسي بإنقلاب أمني، عبر إنزال “القمصان السود” لترهيب وليد جنبلاط، وفرض تكليف نجيب ميقاتي رئيساً لحكومة جديدة، إستهلكت من الوقت حوالي ستة أشهر لتشكيلها، بالرغم من كونها حكومة اللون الواحد، بسبب التجاذبات على الحصص، في الفترة ما بين التكليف في 25 كانون الثاني والتشكيل. في 13 حزيران 2011، بدأت الثورة السورية في 15 آذار لتزيد طين العلاقات بين الأطراف اللبنانية بلة، ووقفت قوى 14 آذار إلى جانب الثورة ودعمتها، بينما أنكرتها قوى 8 آذار بدايةً بالقول الشهير “ما في شي بحمص”، تطورت الأمور نحو الأسوأ، بإنغماس طرفي الصراع اللبناني بالأزمة السورية، خاصة مع التدخل العسكري الميداني لحزب الله في الحرب السورية، ما دفع الرئيس ميشال سليمان للدعوة لطاولة حوار جديدة عقدت في 11 حزيران 2012، وإنبثق عنها إعلان بعبدا، الذي دعا إلى “إلتزام نهج الحوار والتهدئة والسعي لتثبيت الإستقرار والعمل على تعزيز مؤسسات الدولة ودعم الجيش والقضاء، والدعوة إلى تنفيذ خطة نهوض إقتصادي والتمسك بإتفاق الطائف وتنفيذ كامل بنوده”، كما دعا إلى ” تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية، وتجنيبه الإنعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الإقليمية، وضبط الوضع على طول الحدود اللبنانية – السورية، وعدم السماح بإقامة منطقة عازلة في لبنان، وإستعمال لبنان مقراً أو ممراً أو منطلقاً لتهريب السلاح والمسلحين، وإلتزام القرارات الدولية بما في ذلك القرار 1701″. لم يكن مصير إعلان بعبدا بأفضل حال من مصير قرارات الحوار السابقة، التي بقيت حبراً على ورق، خاصة مع تسارع الأحداث والتطورات وخطورتها، ففي 9 آب 2012، تم توقيف الوزير السابق ميشال سماحة بالجرم المشهود، وهو ينقل متفجرات بسيارته الخاصة من ضمن خطة لتفجير مساجد، وقتل شخصيات دينية وسياسية في شمال لبنان، بتدبير من اللواء السوري علي المملوك، بعملية أمنية دقيقة قادها العميد وسام الحسن، رئيس شعبة المعلومات التابعة للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، الذي تم إغتياله بعدها بحوالي شهرين في 19 تشرين الأول، ما أجج الوضع السياسي و “كسر الجرة” ما بين الرئيس ميشال سليمان، والنظام السوري وحلفائه من قوى الثامن من آذار، لا لشيء سوى أن الرئيس سليمان أعلن بأنه ينتظر إتصالاً من الرئيس السوري، يوضح فيه ملابسات قضية ميشال سماحة، الأمر الذي إعتبره البعض – يا للصفاقة – تطاولاً على الرئيس السوري. على تداعيات هذه القضية بدأ العام 2013، مشحوناً بالخلافات بين أطراف الحكومة الواحدة، إلى أن إنفجرت على خلفية التجديد لمدير عام قوى الأمن الداخلي أشرف ريفي، ليتأكد مرة أخرى بأن قوى 8 آذار وعلى رأسها حزب الله، تنجح ببراعة في التعطيل وتفشل بإمتياز في الحكم. قدم ميقاتي إستقالة الحكومة في 22 آذار 2013، ليتم تكليف الرئيس تمام سلام بتشكيل الحكومة الجديدة بدعم من الرئيس سعد الحريري – حلاَّل المشاكل – في 6 نيسان، وذلك بموازاة إطلاق حوار بين تيار المستقبل وحزب الله، برعاية الرئيس نبيه بري تحت شعار “ربط النزاع”، لتجنيب لبنان تداعيات الأحداث المتصاعدة في المنطقة. واجه الرئيس تمام سلام، نفس العقد والمشاكل في محاولة تشكيل الحكومة، التي كانت غالبيتها تأتي من جهة واحدة، هي التيار الوطني الحر بدعم من حزب الله، فكان أن سجَّل الرقم القياسي لتشكيل حكومة وهو حوالي 11 شهراً ، ليتم التشكيل في 15 شباط 2014 كان قد حصل خلالها تطورات كثيرة جلها من تداعيات الحرب السورية، منها معركة القصير التي خاضها حزب الله، وجعلت من ” إعلان بعبدا ” أثراً بعد عين، وكذلك التفجيرات التي ضربت الضاحية الجنوبية لبيروت وبلغت 5 عمليات إنتحارية، ومعركة عبرا التي كانت قد بدأت بمناوشات بين حزب الله، وجماعة الأسير لتنتهي بين هذا الأخير والجيش اللبناني في 23 حزيران، وعملية إطلاق صاروخين سقط أحدها على مربع أمني وعسكري للجيش اللبناني بالقرب من وزارة الدفاع، فيما سقط الثاني قرب بعبدا غير بعيد عن القصر الجمهوري، وذلك بعد إلقاء الرئيس سليمان خطاباً في عيد الجيش في الأول من آب، شدد فيه ولأول مرة بهذا الوضوح “على صعوبة التعايش بين السلاح الشرعي والسلاح غير الشرعي خصوصاً عندما يستخدم هذا السلاح خارج الحدود”، في إشارة واضحة وصريحة إلى سلاح حزب الله، ما كان يعني بأن العلاقة بين الطرفين قد وصلت لنقطة اللاعودة وذلك على بُعد 9 أشهر من ولاية الرئيس.
بعد تشكيل الحكومة بدأ خلاف جديد – قديم حول البيان الوزاري للحكومة هذه المرة مع حزب الله، الذي كان يصر على تضمين البيان الثلاثية الشهيرة جيش وشعب ومقاومة، ما حدا بالرئيس سليمان أن يعلن في خطاب له في 28 شباط 2014 أي قبل، 3 أشهر على مغادرته منصبه تمسكه بإعلان بعبدا قائلاً “أن إعلان بعبدا هو بمثابة الميثاق الوطني، وبات يسمو على أي بيان وزاري، وأن الثلاثية الذهبية التي يجب أن تحكم الأوطان هي الأرض والشعب والقيم المشتركة، وليس شيئاً آخر”، “داعياً في الوقت نفسه ” إلى عدم التمسك بما أسماه “المعادلات الخشبية” التي تعرقل إصدار البيان الوزاري،”في موقف يعكس مدى تبرُّمَه من مواقف حزب الله. وسط هذه الأجواء المشحونة، كان من المستحيل على اللبنانيين في ظل الإستقطاب الإقليمي – على جري عادتهم – أن ينجحوا في إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، خلافاً للمنطق السليم الذي يفترض بأن الأزمات، قد تكون حافزاً للتقارب والتفاهم، هكذا إنتهت ولاية الرئيس ميشال سليمان الذي غادر القصر في 24 أيار 2014 على فراغ، كما تسلمه من فراغ، بعد فشل كل محاولات الحوار التي قادها وحاول من خلالها إنقاذ ما يمكن إنقاذه، إلا أنه رغم الفشل، يُحسَب له أنه أدار الأزمات بحكمة وروية بعيداً عن التشنج، وحاول قدر إستطاعته الحفاظ على البلد، وعلى علاقاته مع المحيط العربي ولو بالحد الأدنى، ولم يكن طيلة سني حكمه أداة تعطيل أو عرقلة بسبب حسابات سياسية أو مكاسب شخصية أو عائلية، أو إستغلالاً لمشاعر طائفية يتلطى وراءها، طلباً لشعبية على حساب مصلحة الوطن، إنه بإختصار “جنرال” الحوارات المجهضة من إتفاق الدوحة إلى إعلان بعبدا، والجنرال الذي “إنقلب ” عليه الآخرون ولم ينقلب على أحد.