قد يكون البعض من اللبنانيين انتقد حكم الرئيس ميشال سليمان لأسباب هو سجّلها واعتبرها، الا ان قسما كبيرا من اللبنانيين رأى في حكم العماد حكما طوباويا الى أبعد الحدود من جهة، وأيضا وهو يقفز فوق المطبّات التي زرعتها مرحلة سيئة بكل المعايير لعهد رئاسي أحاطت به التطوّرات من كل حدب وصوب.
من طرابلس الى الجنوب مرورا بحرب سوريا، وصولا الى إعلان بعبدا الذي اتخذ صفة القرار الدولي أو المحصّن به، في خضم كل ذلك نجحت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في عهد الرئيس سليمان الى أبعد الحدود في إقناع العالم العربي المتعاطف وقتها مع سوريا بل المعادي لنظام الرئيس بشار الأسد بمبدأ النأي بالنفس، وسريعا كرّر وزراء الخارجية العرب تعابير القادة اللبنانيين، رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وتدفّق وقتها سيل من الانتقادات في لبنان لذلك الموقف الى أن عادت الآراء لتنسجم بتعابير مخفّفة ثم تعابير مباشرة واضحة الآراء ولتؤكد مثالية النأي بالنفس، ثم جاء إعلان بعبدا واضحا ملزما، ولو اعتمد في جزء منه ربما هوّن على اللبنانيين عملية انتخاب رئيس للجمهورية.
جاء بعد ذلك الفراغ الرئاسي، وساد انطباع لوهلة ان الرئيس العماد سيكون كسلفه العماد إميل لحود، سينكفيء ويمضي الوقت ليطلق مواقف متقطعة عند الحاجة، إلا ان العماد سليمان ذلّل عقبة وعقدة الرئاسة الأولى وتحوّل الى شريك سياسي أقلّه في أزمة الحكم وفي دعم السياق الدستوري للأداء الحكومي في ظل الفراغ الرئاسي وما زال، تنقّل بين المناسبات معلنا ومؤكدا مواقفه السياسية الدقيقة والتي تمسّكت دائما بالسيادة، مترفّعا عن انتخابات رئاسية تجنّب الخوض فيها أو السعي لأجلها أقلّه كما بدا وظهر.
وفي طرابلس
ثمة علامات فارقة لصالح الرئيس ميشال سليمان، إذ انه أول رئيس سابق للجمهورية يزور عمق المدينة، وقد قام بذلك بعد قليل من إنتهاء عهده الرئاسي ووصل الى مطرانية طرابلس للروم الكاثوليك في الزاهرية في توقيت دقيق وحرج أمنيا، وقد اعتبر الرئيس سليمان أول رئيس سابق للجمهورية يزور طرابلس ثم زار المدينة تارة أخرى في مناسبة تالية، ورعى في طرابلس أيضا حفلا لإطلاق تيار سياسي شاب، وشارك في إعلان افتتاح قصر العدل بغض النظر عن الخطأ الكبير الذي تخلل الاحتفال والذي غيّب أبرز الساعين الى بناء القصر والمساهمين في إكماله بل الساعي الوحيد الى اكماله، ثم لبّى دعوة الوزير أشرف ريفي الى لقاء تكريمي مساء الجمعة الماضي.
هي ثقة من الرئيس سليمان بطرابلس، وزياراته المتعددة لها دليل مودّة وتأكيد عافية للمدينة، وقد سجلت في خلال الأيام الماضية مواقف أشادت بزياراته المتكررة الى طرابلس، كما دعت المصادر مجددا كل من الرئيس أمين الجميل والعماد ميشال عون الى زيارة طرابلس للتعبير عن دعمها والتأكيد انها جزء أساسي في المعادلة.
وأمس مع زيارته التي تأتي قبل قليل من إعلان وثيقة لقاء الجمهورية، همست مصادر مطّلعة بالثناء على وجود الرئيس سليمان في الحياة السياسية بإضافة جميلة تستحق الاحترام.
وبعبارة مختصرة يمكن القول: فخامة الرئيس سليمان طرابلس التعددية السياسية والتنوّع والوسطية والاعتدال وضحية خرق مبدأ النأي بالنفس وعاصمة الشراكة الوطنية ترحّب بكم والى لقاءات أخرى في غمار التعددية السياسية والاعتدال الوطني.