عامر مشموشي
سواء اعترفت أو لم تعترف فإن القيادات السياسية فشلت في الاتفاق على رئيس للجمهورية، لعدة أسباب داخلية وخارجية باتت معروفة من القاصي والداني ولا لزوم لإعادة التذكير بها، وأن أحداً من اللبنانيين لم يعد يصدق ما يسمعه من هذه القيادات عن أن الآمال بإمكان التوصّل إلى تسوية ما زالت قائمة بعودة حركة الاتصالات في ما بينها بُعيد الانتهاء من عطلة رأس السنة، مستشهدين بالمواقف التي أطلقها البطريرك الماروني بشارة الراعي والتي تؤكد على جدية المبادرة الرئاسية التي أطلقها قبل أسابيع زعيم تيّار المستقبل الرئيس سعد الحريري، وعلى جدية التوافق والدعم الإقليمي والدولي لها، ومستشهدين كذلك بالتحولات السريعة التي تحصل والتي تمشي بشكل أو بآخر إلى حصول تقارب دولي لإطفاء الحرائق الممتدة من اليمن وليبيا والعراق وسوريا وصولاً إلى قربها من حدود لبنان الذي يُعاني بدوره من انقسامات داخلية عميقة، لم تصل بعد إلى حدّ الانفجار بسبب استمرار الرعاية الدولية له، وما حصل مؤخراً في سوريا من تبادل بين النظام والمعارضة سوى أحد الدلائل ا الحسية والعملية على بدء العد العكسي لإطفاء هذه الحرائق وإن كان لا يزال هناك اختلاف في النظرة إلى ما حصل وما إذا كان يُشكّل نقطة تحول في اتجاه التسوية أو مؤشراً يذكر العرب واللبنانيين منهم باتفاقية سايس بيكو التي أسست لقيام دول وكيانات متعددة على حساب الثورة العربية من أجل قيام دولة واحدة من المحيط إلى الخليج على اعتبر أن ما حصل مؤخراً بين الزبداني وكفريا والفوعة، إنما هو عملية فرز ديموغرافي على أساس محض مذهبي، وإن حصل برعاية الأمم المتحدة تحت عناوين أمنية وإنسانية وما شابه ذلك.
وإذا كانت هذه النظرة هي الأقرب إلى الواقع من النظرة الأولى فمعنى ذلك ان لا حلول قريبة لإنهاء الصراعات والنزاعات في المنطقة العربية وعلى اللبنانيين أن ينتظروا الأسوأ ولا يساورهم أي أمل بالانفراج والخروج بالتالي من أزماتهم وفي مقدمها الأزمة الرئاسية، لا في الأسابيع الأولى من العام المقبل ولا حتى في الأشهر التي تليها والتي يروّج لها بعض السياسيين من محدودي النظرة والبعيدين عن فهم لعبة الأمم التي تحصل على هذه الرقعة من العالم، خصوصاً وأن لبنان هو جزء من هذه المنطقة ولا يمكن عزله عنها، وعما يدبر لها من مخططات وليس أدلّ على ذلك سوى فشل القيادات اللبنانية في التوصّل إلى تسوية سياسية تنتج رئيساً للجمهورية رغم الإدعاء بأنها تحظى بموافقة ودعم دوليين؟