ثريا شاهين
نتيجة سياسة تحييد لبنان عن الوضعين السوري والاقليمي، ليس للبنان أن يتدخل بالشأن الداخلي لسوريا، أو بالقرار 2254 حول الحل. إلا أنه نظراً إلى العديد من العوامل السياسية، لبنان معني بمتابعة تنفيذ هذا القرار.
لبنان معني بوقف إطلاق النار، لأن فيه بوادر تحقيق خارطة طريق الحل، فضلاً عن بوادر إعادة اللاجئين السوريين إلى أرضهم بعدما تركوها لأسباب الخطورة الأمنية على حياتهم. كما أن لبنان معني بمكافحة الإرهاب الواردة في القرار لا سيما وأنه عانى من الإرهاب المتنقّل عبر الحدود إلى الداخل، فضلاً عن الإرهاب الموجود قرب الحدود الشرقية، وأي نشاط من أجل مكافحة الإرهاب في سوريا سينعكس إيجاباً على لبنان الذي يواجه الإرهاب ولن يتوانى عن ذلك، وفقاً لمصادر ديبلوماسية.
لبنان لا يفرّط باستقرار سوريا لأن أي عدم استقرار ينعكس على لبنان والعكس صحيح. وهذا يعبر عن مدى أهمية سوريا حيال لبنان والعكس صحيح. ولبنان لا يرغب بعودة الوضع السوري السابق من سيطرة واحتلال، إنما يريد أفضل العلاقات مع الشعب السوري الذي يفترض أن يبني مستقبله على أسس من الديموقراطية، وعندها يكون لبنان مرتاحاً إلى سير العلاقات، والتي لن تعود كما كانت، وهذه نقطة إيجابية، وتتأتى من بناء قدرات الدولة السورية وانتقال السلطة وتؤدي الى علاقات متوازنة. ولبنان معني أيضاً بمسار تنفيذ القرار، لأنه ينص على المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار في سوريا، العنصران اللذان يشكلان أحد أبرز ركائز العودة «الطوعية» للاجئين السوريين في إطار مسؤولية المجتمع الدولي عن توفير ظروف العودة. تنفيذ القرار يساعد لبنان على إزالة الخطر الأمني والسياسي والعبء الاقتصادي الذي تأتى من وجود اللاجئين على أرضه، على الرغم من تنظيم هذا الوجود في الآونة الأخيرة.
لكن يوجد قلق ديبلوماسي من أن يكون هناك خطر على تنفيذ القرار، وبمواعيده المحددة، لأن الأمور ليست سرية، على الرغم من خارطة الطريق الموضوعة والجهود المبذولة في هذا الاتجاه. وتشير المصادر إلى أن هناك تخوفاً من ان يشهد الوضع السوري مرحلة إدارة الأزمة وليس مرحلة حلها. ذلك أن كل الأطراف لا تزال على موقفها. فضلاً عن أن ما يحيط بالوضع السوري قلق لناحية أن لا انتخابات رئاسية في لبنان، وأن التحالف العربي أعلن وقف العمل بالهدنة. وفي العراق السلطات دخلت الى بعض المناطق مثل الرمادي، لكن لم تبسط سيطرتها مئة في المئة. كذلك إن القرار 2254 لم يتحدّث عن رحيل الرئيس السوري بشار الاسد. هناك معادلة بسيطة، أن نظاماً مثل النظام السوري يلقى دعماً روسياً وإيرانياً ومن «حزب الله»، وغير مقبول دولياً، لذا إن السؤال هو: «من يتحارب في سوريا؟»، إن من يتحارب هو «حزب الله» و«داعش» وإيران. خصوم الأميركيين والأوروبيين يتحاربون بعيداً عنهم، فلماذا يتم إيجاد حل وتسريعه؟ لذلك في اعتقاد المصادر، هناك مصلحة كبرى بإدارة الحرب وفق حدود مقبولة ومنخفضة من معدل العنف، إنما مسألة إنهاء الحرب، هناك شكوك حولها.
وبالتالي، المسار السياسي لن يحسم في وقت قريب، مع أن تبني القرار، وقبله الاجتماعات الدولية الإقليمية التي انعقدت كانت مهمة جداً. المسائل العملانية تأخذ وقتاً عند التنفيذ. كل بند من بنود القرار يحتاج إلى تفسير ونقاش لبلورته كما يحتاج إلى آلية عمل، لا سيما وقف النار، وإجراء انتخابات وصياغة الدستور الجديد، الذي على أساسه ستجرى هذه الانتخابات.
الآن هناك رصد للوقائع السورية وفي الميدان قبل أيام من انعقاد الجولة الاولى من التفاوض السوري الداخلي في 25 الجاري.
إن أي إدارة للأزمة، السورية، لها كلفتها لأنها تعني بشكل من الأشكال استمرار الصراع، وهذا ينعكس على لبنان. حتى لو سارت الأمور كما يجب وفق الرزنامة الزمنية هناك وقت طويل لانتهاء الأزمة. وطالما تمت دعوة لبنان إلى اجتماعات المجموعة الدولية حول سوريا، فإنه معني على الرغم من اختلاط الأمر حول ما إذا كان طرفاً أو غير طرف في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب. وبالتالي أي حل للأزمة في أقرب وقت، ممكن أن يساعد في التخفيف عن لبنان في تحمل تبعات الأزمة السورية.
وتأكد وفقاً للمصادر أن عملية التفاوض السوري لن تؤجل، لا بل إن كلاً من الطرفين الأميركي والروسي يبذلان جهوداً استثنائية لعدم الوقوع في عرقلة الخطة السورية، وعدم عرقلة توجهاتهما حول ذلك. الأمور صعبة لا سيما بعد القطيعة الديبلوماسية السعودية الإيرانية، لكنْ هناك تدخلٌ مكثفٌ من واشنطن وموسكو للانطلاق في التفاوض وعدم حصول تصعيد على الأرض.