ليبانون فايلز
انطوان غطاس صعب
ما زال اللبنانيون ينتظرون انتخاب الرئيس على احرّ ما الجمر، بعد ما يقارب السنتين على الشغور سدة الرئاسة المسيحية الوحيدة في المنطقة. بعضهم يتوقعه أنه يأتي على حصان ابيض، ويكون خارج كل هذه الطبقة السياسية الموجودة اليوم.
رئيساً غير حزبي او تسووي او توافقي، بعيد عن كل هذه التسميات المتداولة في وسائل الاعلام على اختلافها.
يتمتّع بصفات تغييرية وتجديدية، فيضيف دماً جديداً في عروق الجمهورية المشلّعة والمريضة بداء الطائفية والزبائنية والمحاصصة والصيغة الحكومية المركّبة على قياس زعامات محدّدة، والتي يبدو أنها تشارف على السقوط في ظل تحلّل مؤسساتها كافةً.
هو الرئيس المتمتّع بصفات القيادة والريادة، والمؤتمن على النهوض بالوطن، والراعي للتوازنات الدقيقة فيه التي تعكس فرادة التركيبة اللبنانية التعددية. يشرف على قيام الدولة الحقيقية، والاستقلال الناجزة، والسيادة الكاملة، والحياة الديموقراطية الصحيحية.
فهل ما كتب أعلاه يقارب الأحلام؟ يمكن ان يكون كذلك، ولكن ما هو مؤكّد اليوم، وفي ظل التجاذب القائم بين الأطراف اللبنانية، أن لا عودة الى الوراء في ملف الرئاسة الأولى وغيرها من الملفات. بمعنى أن ما كان يحكم الحياة السياسية في الماضي تبدّل جذرياً اليوم. فالتحالفات تبدّلت على شاكلة الترشيحات الرئاسية الأخيرة. والبلد خال من أي أنواع وصاية مباشرة باستثناء وصايات داخلية "مقنّعة" تمارسها جهات حزبية نيابةً عن الخارج. والمنطقة تتبدّل حيث اننا نشهد زوال دول ونشوء أخرى. وغيرها من العوامل التي تجعل من المستحيل أن اعادة عقارب الساعة الى الوراء.
ومع ذلك فانه مكتوب علينا أن نظلّ معبأين بما يكتبه اللاعبون الاقليميون لنا، نتيجة اهمالنا لأحد أهم املبادىء التي كان يفترض أن تطبع سلوكياتنا، أي "النأي بالنفس" المعبّر عنه خير تعبير في "اعلان بعبدا".
الأرض تموج من تحتنا ونحن نتلهّى بصغائر الأمور، لا بل لم نعد قادرين على تسيير الحد الأدنى من القرارات الروتينية، معالجة ملف النفايات. في حين أنه من المفترض أن نبحث على أي برّ سترسو سفينة الوطن وسط الامواج الاقليمية العاتية.