سليمان في رسالة إلى بان كي مون: نحرص على وحدة سوريا مع ما تعنيه هذه الوحدة للبنان
تقدم الرئيس ميشال سليمان بإسمه وبإسم "لقاء الجمهورية"، إلى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، برسالة تتضمن خمس نقاط تتعلق بالأزمة اللبنانية السورية، عرض من خلالها بعض التحديات والهواجس الأساسية التي يواجهها لبنان راهناً، في ظل استمرار الشغور الرئاسي.
وتوقف سليمان عند التفجيرات الارهابية التي ضربت بروكسل، موجها التعازي الحارّة للشعب والحكومة البلجيكيين، خصوصا ان لبنان قريب من بلجيكا التي سبق لها وارسلت وحدات من ضمن قوات اليونيفيل لتنفيذ القرار الدولي 1701، هذه الحادثة ليست الاولى وسبقها تفجيرات ارهابية في انقرة واسطنبول وباريس ومصر وسوريا والعراق واليمن والسعوجية والكويت..
واول من تعرض للارهاب كان لبنان من الضنية في العام 2000 مرورا بنهر البارد في العام 2007، اضافة الى الهجرة والنزوح الخطيرين الحاصلين باتجاه كل دول العالم ترتب مسؤولية كبيرة على مستوى المجتمع الدولي ومسؤولية داخلية على الصعيد الداخلي اللبناني، والمسؤولية الدولية تتجسد اولا في مجلس الامن، يجب ازالة ما يسمى بــ"داعش" وبقية الدويلات الاخرى الموجودة في بعض الدول، ومسؤولية مجلس الامن هذه تكون بالتأكيد بالتعاون مع الدول التي يحصل فيها ايواء او تمركز لهؤلاء الارهابيين، مع الذهاب بعيدا في الحل السياسي في سوريا، ونرى ان جنيف بدأت ولكن يجب وضع الحل السياسي هدف نهائي واساسي. وفي ذات الوقت نطلب من الامم المتحدة اعادة تشغيل خدمات الاونروا لانه اذا توقفت سيزيد الارهاب في المجتمعات التي تساعدها الاونروا وتحديدا المخيمات الفلسطينية في لبنان. والمسؤولية الداخلية نعلرفها وآمل ان تكون "البروفا" للجلسة السابعة والثلاثين اليوم آخر "بروفا" وان تجهز البدلة الرئاسية في الجلسة المقبلة ولا يجوز ان تعقد لــ37 جلسة من دون انتخاب رئيس. وانتخاب الرئيس هو اشارة انطلاق لاعادة تكوين السلطة بكل النواحي من مجلس الوزراء والرئاسة والمجلس النيابي وكل السلطات وايضا لوقف الترهل والارباك في مؤسسات الدولة في حين ان القرار 1701 لا تنفذه اسرائيل علما ان الوضع مرتاح عند الحدود الجنوبية بينما نحن مشغولون بعدة امور والمؤسسات السياسية مترهلة بدءا من العلاقات الخارجية والسياسة الخارجية، هناك ارباكاً كبيراً في السياسة الخارجية وهناك "صفر نمو" على الصعيد الاقتصادي وتراجع الاقتصاد يؤثر على موضوع الارهاب، ووصل الخلل الى المؤسسات من التفتيش المركزي الى امن الدولة التي ستصبح غير منتجة، واين دور الوزراء والوزارات بموضوع النفايات بدءا بوزارة البيئة والمسؤولية ضائعة في وزارة العدل ما بين وزير مستقيل ووزير مكلف لم يباشر بممارسة صلاحياته، وايضا ملف الاتصالات وشبكة الانترنت التي تحتاج الى ملاحقة، هذا التفلت نتيجة غياب السلطة العليا واعادة تكوين السلطة، يجب على الجميع الالتفات الى المؤسسات المهمة التي تمثل وحدة لبنان وامن لبنان وهي المؤسسات الامنية ويجب الا نبخل عليها باي تقديمات في تأمين الذخائر والسلاح والتدريب.
وإذ أكد سليمان على ضرورة اتخاذ اجراءات مفصلية بالنسبة الى لبنان لمواجهة التهديدات ومنع انهيار الوطن الغني النسيج بالاديان والاعراق والمبادىء القائمة على احترام الحرية الدينية والتسامح والعيش المشترك، لفت المجتمع الدولي إلى ضرورة ضمان تحييد لبنان عن صراعات المحاور كما جاء في "اعلان بعبدا" الصادر عن هيئة الحوار الوطني في 11\6\2012، الذي اعتمدته الأمم المتحدة والجامعة العربية، وثيقة من وثائقها الرسمية.
وأضاف: "مع انطلاق محادثات جنيف لتسوية الأزمة السورية وارتفاع نسبة الهواجس من التداعيات على لبنان بلد الوحدة والعيش المشترك والصيغة الفريدة، تهمني الإضاءة حصراً على النقاط (الهواجس) المرتبطة بالحل السوري المرتجى".
اولاً: ان الهاجس الاساس يكمن في احتمال نشوء كيانات سياسية أو عرقية أو دينية من لون واحد كبديل من دولة سورية موحدة قائمة على الاعتدال واحترام حقوق الانسان والحريات العامة والاعتراف بالأخر المختلف والمشاركة معه في إدارة الشأن العام، مما قد يهدد الصيغة وجوهر التعددية في لبنان، "الوطن الرسالة" كما وصفه البابا القديس يوحنا بولس الثاني. ان خشيتنا من قيام كيان اللون الواحد (كما يُسرَّب) على طول الحدود الشمالية الشرقية من شاطىء اللاذقية وصولاً إلى جبل الشيخ حيث تبدأ الحدود الجنوبية مع الكيان اليهودي – العدو الاسرائيلي، تنطلق أولاً من حرصنا على وحدة سوريا مع ما تعنيه هذه الوحدة للبنان، وتبعد عنه الانعكاسات الخطيرة، التي تهدد تعدديته وتحاصر مداه الحيوي وتعيق انفتاحه على محيطه، وتحوله رهينة أشبه بجزيرة معزولة بين كيانين.
ثانيا: ترسيم الحدود اللبنانية – السورية كما البحرية، استنادا الى القرارات الدولية لا سيما منها 1559 و1701، اللذين ينصان صراحة وبوضوح على ذلك، خصوصا في المناطق التي تشهد نزاعا أو التباسا، ولا سيما مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلتين، وهو شأن من صلب مهمات الامم المتحدة .
ثالثا: نشر مراقبين دوليين على الحدود الشرقية والشمالية أقله في المرحلة الاولى لبدء تطبيق التسوية السياسية السورية للمساعدة في منع تدفق المسلحين الارهابيين في اتجاه لبنان، والطلب إلى "اليونيفيل" تقديم المساعدة إلى الحكومة اللبنانية حيث تدعو الحاجة، لضمان عملية ترسيم الحدود.
رابعا: ضرورة ادراج العودة الكريمة، الآمنة والآنية للنازحين السوريين الى بلادهم في سلم اولويات الحل للازمة السورية والعمل مع الامم المتحدة المسؤولة عن ملف اللجوء، على وضع اجندة تؤمن عودة ممنهجة وليس طوعية الى سوريا، كما ورد في متن القرار الدولي 2254. إن هذه العودة الفورية تبدد هاجس التوطين المرفوض سياسياً، شعبياً ودستورياً، خصوصا ان لبنان لا يزال حتى اليوم يتحمل عبء النزوح الفلسطيني الى اراضيه وما يشكله من تحديات كيانية، سياسية، امنية، اجتماعية واقتصادية. هذه المسألة تتطلب ارساء الحل الدولي لرفع هذا العبء الهائل عن لبنان (نصف عدد سكان لبنان) الذي لا يزال يصر على ضرورة تقاسم الأعباء والأعداد، مع الاشارة الى وجوب اعادة الفلسطينيين الذين وفدوا من سوريا الى لبنان منذ نشوء الحرب السورية.
خامسا: تولي الامم المتحدة مهمة الاهتمام الدولي بلبنان وتعويض خسائره جراء الازمة السورية التي استدعت تشكيل المجموعة الدولية لدعم لبنان (ISG) في العام 2013، حيث قدرت الخسائر اللاحقة بالادارات والمؤسسات الرسمية والبنى التحتية جراء النزوح السوري بنحو 7،5 مليارات دولار في حينه وأنشأت صندوقاً إئتمانياً في البنك الدولي. ومع الاشارة الى تضاعف هذا الرقم حالياً، بات يستوجب العمل دوليا على تمويل هذا الصندوق بالمبالغ اللازمة بموازاة تلك التي ستقر لورشة اعادة اعمار سوريا خصوصا ان انجاز ملف العودة يحتاج الى وقت ليس بقليل.
وتوجه الرئيس سليمان إلى بان كي مون بالقول: لبنان ليس غافلا عما قمتم به في المحافل الدولية وخصوصا في الامم المتحدة من اجل مساعدته، وهو شاكر لكم، ونحن إذ نقّدر عاليا دوركم هذا، نتطلع ونأمل من سعادتكم في ان يلقى مضمون هذه الرسالة اهتمامكم الشخصي وعنايتكم ومتابعتكم حفاظا على لبنان الدولة والكيان الفريد، وصونا لرسالته وصيغته المميزة في العالم، وتكريس دوره كرسالة حضارة وتلاق للثقافات والاديان.
واوضح سليمان ان هذه الرسالة سنعمل على تسليمها الى الامين العام للامم المتحدة اثناء زيارته الى لبنان، وسترسل الى رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة ووزير الخارجية الذي يتعلق به متابعة هذا الموضوع، وايضا سيتم ارسال نسخة الى الجامعة العربية والى اعضاء مجلس الامن الدائمين والمؤقتين والى الدول التي اشتركت في اقرار خلاصات المجموعة الدولية لدعم لبنان والى كافة الدول المعنية بهذا الموضوع.
وجرى بين الرئيس سليمان والصحافيين الحوار التالي:
سئل: تتوجهون اليوم بالرسالة الى الامين العالم للامم المتحدة، الى اي حد تعتقدون ان هذه المنظمة لا تزال فاعلة خصوصا ان اقصى ما يمكن ان تقوم به هو ابداء القلق والى اي حد لا يزال المجتمع اللبناني مهتما بلبنان؟
اجاب: من المؤكد ان المجتمع الدولي مهتم بلبنان، لان لبنان هو المثال الصحيح الذي يناقض ما يجري من ارهاب وانعزال، ولا يمكننا انكار اهمية الامم المتحدة لان فيها الدول الفاعلة والتي تمتلك اوراق الحل في سوريا هم اعضاء دائمين في مجلس الامن، حتى لو ان دورها تراجع ولكن لا يوجد مؤسسة غير الامم المتحدة لكي نلجأ اليها، ويجب ان تلعب دورا في انهاء موضوع الارهاب حتى يثبت مجلس الامن والامم المتحدة جدوى بقائها.
سئل: اضافة الى ما تضمنته الرسالة الى الامين العام للامم المتحدة هل تخشى كما كنت تحذر دائما ان تكون الحلول في المنطقة على حساب لبنان ربطا بما يرسم لسوريا من طروحات فيدرالية وتقسيمية؟
اجاب: ما نخشاه هو ان لبنان بصيغته الفريدة التي هي صيغة مهمة جدا وفي هذا الظرف المضطرب والتي حفظت لبنان وحفظت العيش المشترك والمشاركة في ادارة الشأن العام، نحن نخشى ان تصبح هذه الصيغة غريبة بمحيطها بين الكيان الاسرائيلي الساعي الى التهويد التدريجي وما بين كيان تقسيمي او مقسم في سوريا يقطع النفس اللبناني ذلك يؤثر على الصغية اللبنانية ولا احد يضن ان لبنان يستطيع ان يسير بتقسيم او فدرالية او اي امر من هذا النوع، جل ما يستطيعه لبنان تطبيق اللامركزية الموسعة واتمنى ان تبقى سوريا موحدة بلامركزية موسعة وفقا للمحافظات الموجودة هذا يريحهم ويريحنا.
سئل: الى اي مدى تستطيع الامم المتحدة اعادة تفعيل المساعدات العسكرية ضمن المجموعة الدولية؟
اجاب: في خلاصات مجموعة الدعم الدولية للبنان هناك بند اساسي عن دعم الجيش والقوى الامنية، وهذا البند رفع الحظر عن تسليح الجيش اللبناني، طبعا لا يسعى الجيش للحصول على قنبلة ذرية قبل الحصول على قنبلة عادية، والامم المتحدة تستطيع وهي مسؤولة مع مجلس الامن عن تسليح الجيش اللبناني والقوى الامنية الذين يؤدون افضل من اداء اكبر الجيوش في العالم.
سئل: الى اي مدى نستطيع القول ان "اعلان بعبدا" لا يزال فاعلا في ظل التضعضع الحاصل في المؤسسات؟
اجاب: هذا التضعضع بحد ذاته يدل على ان "اعلان بعبدا" لو طبق لما كنا مضعضعين، ولسنا مضطرين اشتراح حلول وان نغير بالكلمات ونضع جمل وهمية حتى نحافظ على علاقاتنا، عندما نتكلم عن علاقاتنا مع دول الخليج هي ليست علاقات استجداء ولكن علاقة اصدقاء ومحيط عربي ننتمي اليه وهذا اقل الواجب، الدول العربية هي العائلة التي ينتمي اليها لبنان وهذه الدول تفتخر بلبنان وبصيغته وتركيبته وعلينا العودة الى تحييد لبنان عن الصراعات كما ينص "اعلان بعبدا" وهذا يوفر قصة النأي بالنفس من هنا وهناك، اما الصراع العربيي الاسرائيلي غير مشمول بالتحييد والاجماع العربي والشرعية الدولية غير مشمولين بالتحييد، اما باقي الامور فلنحيد لبنان عنها.
سئل: هل تتابع موضوع الهبة السعودية وانت على علاقة صداقة واحترام مع دول الخليج؟
اجاب: ليس دوري متابعة هذه الهبة، انما لدي صداقات واسعى دائما لاعادة التذكير بأن هذه الهبة منحت واقرت وصدرت بأوامر ملكية وقرارات حكومية ووقعت ويجب ان تعود، انا متأكد انها ستعود، انها غيمة وتمر وستعود الامور الى طبيعتها وتمشي الامور.
سئل: هل تعتقد ان انقاذ رئاسة الجمهورية يحتاج الى مؤتمر دولي؟
اجاب: الاتفاق اللبناني هو الذي يفك اسر الرئاسة، ووصلت الامور الى مرشحين من اتجاه سياسي واحد وبالتالي ماذا يستطيع ان يفعل المجتمع الدولي بعد، هل يخترع رئيسا من القمر ويأتي به؟