"لقاء الجمهورية" لتشكيل هيئة وطنية للاجئين السوريين تنظم وجودهم الموقت وتضع خطة العودة وحوافزها
مي عبود أبي عقل
في اجتماعه الأخير، طرح "لقاء الجمهورية" ورقة عمل تتناول سلسلة "قواسم شعبية مشتركة"، ومنها ضرورة أن تنشئ الدولة "الهيئة الوطنية للاجئين السوريين". فما هي أهداف هذه الهيئة؟ وممن تشكل؟
يشكل اللجوء السوري في لبنان هاجسا لدى اللبنانيين لناحية تداعياته الحالية والمستقبلية، وانعكاساته على مختلف الصعد الاقتصادية والإنمائية والاجتماعية والبنوية، وتأثيره الديموغرافي على التركيبة الطائفية في البلد وتوازناتها. وبفعل التناقضات السياسية في معالجته بين فريقي 8 و14 آذار منذ بداية الأزمة السورية، وفي تنظيم الوجود السوري بين مطالب بإنشاء مخيمات ورافض لها تلبية لرغبات ومصالح خارجية، وصل الجميع اليوم الى ساعة الحقيقة: كيف نعالج هذه القضية التي بدأت آثارها تظهر؟ وكيف نتحاشى تبعاتها المستقبلية؟
وفي غياب أي رؤية استراتيجية لدى الحكومة حتى الآن، ناقش أعضاء "لقاء الجمهورية" في اجتماعهم الأخير هواجس اللبنانيين في هذا الموضوع، وطرح عضو اللقاء العميد المتقاعد نزار عبد القادر فكرة إنشاء هيئة وطنية للاجئين السوريين، وتشكلت لجنة مصغرة لوضع مذكرة سترفع الى رئيس الحكومة تمام سلام تطالب بتشكيلها، وتناط بها مسؤولية معالجة هذا الملف.
وأكد الرئيس ميشال سليمان في تصريح لـ"النهار" أن "موضوع اللاجئين السوريين والفلسطينيين على حد سواء تلزمه إدارة وطنية دائمة، وهيئة ثابتة لها صفة الديمومة والاستمرارية، ولديها الوثائق والصلاحيات لإجراء الاتصالات بالهيئات الدولية والدول المعنية للمتابعة، وتكون مسؤولة أمام رئيس الجمهورية واللبنانيين. وهذا الطرح ينسجم مع نص الدستور الذي يؤكد في مقدمته أن "لا توطين". واعتبر أن "تشكيل لجنة وزارية لشؤون اللاجئين لا يفيد، لأن الوزراء يأتون ويذهبون، بينما الهيئة تتابع عملها مهما تبدلت الحكومات"، وكشف أن "لقاء الجمهورية" يعدّ هيكلية واقتراحا متكاملين للهيئة، وتشكلت لجنة خاصة لتضع مذكرة نرفعها الى رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب والقوى السياسية في هذا الخصوص".
وأشار المحامي فادي كرم الى أن "انشاء الهيئة يهدف الى تنظيم الوجود السوري الموقت وآلياته، ووضع استراتيجية وخطة عمل وخريطة طريق لمعالجة القدوم والترحيل وحوافز للعودة، تقوم بها الوزارات والادارات الرسمية"، لافتا الى "المشكلة الناتجة مما ذكره الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عن العودة الطوعية، وهذا ما يؤدي الى التوطين".
وفي لقاء مع "النهار" عرض عبد القادر الأسباب الموجبة لطرح مشروعه، انطلاقا من اعتباره اللجوء السوري "مشكلة كبيرة نلتزمها بحكم الجوار، لكنها تفوق طاقتنا، وتشكل خطرا على التوازنات الديموغرافية والطائفية والاتنية في لبنان، وتهدد، على المدى الطويل، الكيان اللبناني ككل". ولفت الى أن "مشكلة اللاجئين قد لا تجد حلا قبل 40 عاما، ونحن نتكلم بمئات الألوف الى مليون على الأقل، ولن تحل فور انتهاء المدفع في سوريا، ولا يمكن التنبؤ متى تنتهي الأزمة في سوريا، سواء أزمة الحرب او ازمة السياسة. وبالاضافة الى التهديد الأمني الذي يشكله هؤلاء اللاجئون، وإمكان اختراقهم من النظام السوري والمنظمات المتطرفة على حد سواء، الأمر الذي سيتسبب بمشكلة أمنية لبنانية يصعب على الدولة اللبنانية معالجتها، إضافة الى الاعباء الخدماتية والاقتصادية وغيرها، ستنتهي كلها الى مشكلة هوية، اي سنكون في مواجهة اعطاء قسم منهم الهوية اللبنانية، خصوصا مع نسبة الولادات المرتفعة بينهم. والأخطر انه خلال الاربعين سنة هذه، ومن بين المليون ونصف المليون الموجودين على الاراضي اللبنانية من لاجئين أو يد عاملة أتت الى لبنان قبل اللجوء، اعتقد ان 700 الى 750 ألفا، سيحصلون على الجنسية اللبنانية بطريقة أو أخرى، بضغوط داخلية وخارجية، وبفلسفة قانون الجنسية عندنا، وسيكون من بينهم على الاقل 600 ألف سني، فكيف يمكن التكلم حينئذ على التوازنات الطائفية في لبنان؟ هذا مشروع حرب".
وبماذا يفيد تشكيل الهيئة الوطنية؟ يجيب عبد القادر:
1 - ستكون قادرة على الدفاع عن حقوق لبنان، بصوت عال وبمفهوم القانونية والدستورية وبلغة الواقع. ستدافع عن مصالح لبنان، وتضغط على المجتمع الدولي، وتقنعه ودول القرار بوجوب مساعدة لبنان على تحمل الاعباء ومنع التوطين. وسيكون اعضاؤها سفراء فوق العادة، للدفاع عن حقوق لبنان في كل العالم وعلى المنصات الدولية.
2 - ستقدم الحلول والمقترحات العقلانية المدعومة بإرادة ووعي كاملين الى الدولة اللبنانية وتنبهها الى مخاطر الانزلاق بالأزمة مع مرور الزمن.
3 - ستكون عنصر مراقبة وضغط في موضوع التوطين واعطاء الجنسيات للسوريين.
4 - ستخلق الوعي لدى السوريين بضرورة التمسك بهويتهم، والعودة للمساهمة في اعادة اعمار بلادهم في المستقبل.
أما عن اعضائها واختيارهم فيقترح عبد القادر ان تتشكل الهيئة من "شخصيات مرموقة في البلد، ذات شأن في المجتمع والشأن الرسمي والعام، معصومة من الفساد، ومخلصة بالفعل، وتتمتع بعقلانية كاملة وبأفق واسع، لحماية هذا الكيان وهذه الجمهورية وهذا المجتمع. شخصيات ذات وزن واخلاص وصلابة، وأرشّح الرئيس ميشال سليمان لرئاستها. وتكون هذه الهيئة الوطنية موازية للدولة، تراقبها وتنصحها وتوجهها. وسيكون لها مكاتب للاعلام والدراسات والعلاقات العامة، وعلى صلة بالأمم المتحدة والمؤسسات الدولية وعواصم القرار".
وختم بأن مشروعه "عائد الى مخاوفي على لبنان في المستقبل. هذه هواجس مهمة، ولكن الاهم هو مستقبل الكيان والجمهورية".