الجيش في عيده الـ 71 «وطن واحد.. مصير واحد»
يحي احمد الكعكي
تحل بعد غد الاثنين الذكرى الـ»٧١« لتأسيس »الجيش اللبناني« الذي يمثل »لبنان الكبير« بجميع أطيافه، مدرسة الوطنية الأولى التي تذوب فيها الفوارق الطبقية، والعنعنات الطائفية والمذهبية، والتجاذبات المناطقية، من أجل الحفاظ على لبنان الواحد الموحَّد أرضاً وشعباً وسلطة سياسية، وطناً نهائياً لجميع أبنائه بعيداً عن أي أهواء إيديولوجية تفرِّق ولا تجمع، تبدّد ولا تصون »الميثاقية الوطنية«، والصيغة الوطنية الفريدة« في العيش المشترك، وفي قيم »المواطنة«.
كان ولايزال شعاره الوحيد »وطن واحد.. مصير واحد« يجمع ولا يُفرق، يصون ولا يُبدّد، يحمي بيد ويبني مجتمع المواطنة الواحدة باليد الأخرى..
هكذا كان مع مؤسسه الأول »الجنرال فؤاد شهاب« حارساً لـ»الشرعية الدستورية« ولـ»لبنان السيد الحر المستقل العربي في هويته وانتمائه«..
حاولوا تمزيقه بالفتنة الطائفية ١٩٧٥ فانتصر عليها وبقي واحداً.. شعاره »كلنا للوطن« حقيقة لا »قولاً« كما السياسيون.. حافظ علي الوطن بالدم الوطني والروح الوطنية فبقي الوطن من أزمات ١٩٥٢ و١٩٥٨ و٢٠٠٥ و٢٠٠٧ و٢٠٠٨ وحالياً..
وفي هذا السياق أشير إلى أنه في ١٧-٩-١٩٥٢ حينما إستلم قائد الجيش انذاك »اللواء فؤاد شهاب« السلطة في لبنان - لا عبر انقلاب عسكري كما في بعض الأقطار العربية انذاك - وإنما استلمها بـ»قوة الدستور«، حينما تولى رئاسة حكومة الانقاذ الوطني، فصان الدستور، ورعى اجراء الانتخابات النيابية انذاك، والتي فاز برئاسة الجمهورية بعدها »كميل نمر شمعون« أول رئيس توافقي الذي أُطلق عليه في حينه »فتى العروبة الأغر«.
والمفصل الثاني كان في عام ١٩٥٨، حين كادت »ثورة ١٩٥٨ - كما أُطلق عليها انذاك - أن تعصف بلبنان، لولا وقوف الجيش موقفاً وطنياً منقذاً لبنان من هذه الفتنة العمياء، ليختار لبنان كله بعدها قائد الجيش »اللواء فؤاد شهاب« في ٣١-٧-١٩٥٨ كثاني رئيس توافقي لـ»لبنان«.
والمفصل الثالث الذي حمى فيه الجيش »الشرعية الدستورية« كان بعد اغتيال الرئيس »رفيق الحريري« في ١٤-٢-٢٠٠٥، حينما تقدمت »مؤسسة الجيش« بقيادة »العماد ميشال سليمان« الصفوف، لتصون الدستور، وتحمي الوطن، لأنها كانت »الشرعية الدستورية« القادرة وحدها في تلك الظروف الصعبة والعصيبة، على أن تحفظ أمن »لبنان الكبير« واستقلاله، تحت ظل تغليب »الوسطية والاعتدال« على ما عداها من مصالح واعتبارات.
ورابع هذه المفاصل كان عودة »الجيش اللبناني« في عام ٢٠٠٦ إلى الجنوب اللبناني بموجب القرار الأممي ١٧٠١، ليكون الأساس في حفظ الأمن والاستقرار في هذا الجزء الغالي من الوطن، ضد أي تحركات عدوانية من قبل العدو الإسرائيلي، وليُسهِّل مهمة قوات »اليونيفيل« في هذا الاطار، وهذا ما أكدت عليه الاحداث فيما بعد.
ثم كان خامس هذه المفاصل إنقاذ »لبنان - الرسالة الحضارية« من »الفتنة السياسية - الدينية«، والتي حاولت »الفئات الضالة« من مخيم نهر البارد، أن تغتال »لبنان الكبير« بدم بارد، بواسطة التجارة بالدين. إلاَّ أن اصرار »مؤسسة الجيش« بقيادة »العماد ميشال سليمان«، على قتل »الفتنة« في مهدها، مهما كانت تضحيات هذا »الجيش الوطني« حافظ على »الشرعية الدستورية« من نار »الحرب الأهلية الدينية« التي كان »الإرهاب المعَوْلم« يريد اشعالها في لبنان في محاولة مكشوفة لاغتيال صيغة العيش المشترك، وتفتيت لبنان، ومن ثم نشر »الحرب الأهلية الدينية في المشرق العربي..! إلاَّ أن تضحيات الجيش اللبناني في قتل هذه »الفتنة المعَوْلمة« أنقذت »لبنان الواحد الموحّد« وقضت على »الإرهاب المعَوْلم« الذي »لا وطن له ولا دين«، وبذلك كان الجيش اللبناني، أول جيش عربي يُحارب »الإرهاب المعَوْلم« وينتصر عليه..
وسادس هذه المفاصل كان حماية »مؤسسة الجيش« الوطن »لبنان« من ترددات زلزال ٧ أيار ٢٠٠٨، هذه الحماية التي مهّدت لـ»الشرعية الدستورية« أن تكون أكثر قوة ومنعة، والتي تحصّنت قوتها ومنعتها مع خطاب القسم الذي بدأ به قائد الجيش »العماد ميشال سليمان« عهداً جديداً في الحفاظ على »الميثاقية الوطنية« كرئيس للجمهورية - وكثاني رئيس توافقي - حيث استهل »عهده« مخاطباً اللبنانيين قائلاً: »أدعوكم قوى سياسية ومواطنين إلى مرحلة جديدة نلتزم فيها مشروعاً وطنياً، وإلى تفعيل المؤسسات«..
وسابع هذه المفاصل أن »الجيش اللبناني« لايزال منذ ٢٦-٥-٢٠١٤ حتى اليوم حامياً أساسياً لـ»الشرعية الدستورية« في غياب »الرئاسة الأولى« - وهي القائد الأعلى للجيش - وحارساً لـ»لبنان العيش المشترك« العربي الواحد الموحَّد، إن في الداخل، وإن في تضحياته على مذبح الوطن في الحفاظ على »لبنان« في »حرب الوجود« التي يخوضها ضد »الإرهاب المعَوْلم« على حدود لبنان الشرقية وفي السهر على حدود لبنان الجنوبية من تهديدات »العدو الإسرائيلي« ضد »الاجماع الوطني«..
هذا هو »الجيش اللبناني« كان ولايزال شعاره الذي يضحي من أجله بالروح والدم: »وطن واحد.. مصير واحد«.