صونيا رزق
الاول من آب ... ذكرى تأسيس الجيش اللبناني الذي يسجّل البطولات تلو الاخرى في تصدّيه للارهابييّن في الداخل وعلى الحدود، فيسقط له شهداء وجرحى من اجل ان يحيا لبنان وشعبه، في ظل إمكانات ضعيفة من ناحية تسليحه. ما يطرح ثمة اسئلة حول الاسباب التي تحول دون تسليح هذا الجيش كما يجب، وحول عدم وصول الهبات العسكرية في اجزائها المتبقية؟، وبالتالي عن سبب عدم تطبيق شعار «تسليح الجيش ضرورة»، مع الاشارة الى ان المؤسسة العسكرية كانت ولا تزال تعتمد سياسة حكيمة في مقاربة الملفات الصعبة، التي حالت دون إنزلاق البلد الى أتون الفتنة تحت ضغط الخلافات السياسية التي تعصف بلبنان، ومع ذلك فقد برهنت هذه المؤسسة عن تماسكها أمام محاولات النيل منها، اذ افشلت مخططات عدة كادت ان تودي بالوطن الى الهلاك، لذا وإنطلاقاً من هذا التماسك لا بدّ من التأكيد بأن ثقة اللبنانيين تعززت اكثر بالمؤسسة العسكرية، وبدورها في حماية السلم الأهلي والعيش المشترك، اذ برهنت عن وقفة تضامنية كبيرة مع شعبها الذي يعتبرها اليوم الحارس الحقيقي له. وسط كل التهديدات التي تطاله من كل الجهات، مما يعني ان تطبيق الشعار المذكور اصبح ضرورة كبرى لكي يستمر هذا الجيش في تحقيق واجباته من كل النواحي، خصوصاً انه يحارب على جبهات عدة، فهو يقاوم الارهابيين والداعشيين والى ما هنالك من تنظيمات وميليشيات مسلحة وغرباء باتت مهمتهم اليومية إشعال لبنان، إضافة الى اسرائيل التي تتوالى تهديداتها للبنان.
وفي هذا الاطار لا بدّ من التذكير بأننا ومنذ عقود نسمع بعبارة» تسليح الجيش ضرورة «، لكن لم يتحقق شيء من هذا فعلياً منذ العام 1943، اذ ممنوع على جيشنا ان يكون قوياً بمعداته وأسلحته، فيما هو قوي ببطولاته وعزيمته، لكن حملة تسليحه الفعلية برزت الى العلن في العام 2010 ،حين اطلق رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان حملة تهدف الى تسليح الجيش بكل ما يلزم، وذلك خلال تفقده انذاك منطقة الاشتباكات مع الاسرائيليين في بلدة العديسة الجنوبية، إضافة الى كل مواقع الجيش اللبناني في مناطق الجنوب، في رسالة مفادها ان الدولة ستكون حاضرة على طول الخط الحدودي لتدعيم إمكانات الجيش الدفاعية، والتمسك بخيار التصّدي لأي اعتداء إسرائيلي وعدم التهاون في اي مواجهة، بعد ان تمكن الجيش من استعادة دوره الريادي على خطوط المواجهة مع اسرائيل.
الى ذلك تعتبر مصادر سياسية بأن الهبات العسكرية السعودية والاميركية المتأرجحة كل فترة، ستبقى فعلياَ بما يشبه الحبر على الورق، اذ وكما جرت العادة في لبنان فكل ملف ينقسم حوله السياسيون واللبنانيون، وهذا الامر حدث مع الهبات المذكورة، فالهبة الاميركية التي تلقاها الجيش كانت عبارة عن اسلحة دفاعية بمجملها وليست سلاحاً هجومياً، اما الهبة السعودية فأتت بعد حوادث عرسال التي سرّعت وتيرتها، لكنها لم تكتمل بعد لأسباب سياسية لذا جُمّد تنفيذها وهنالك إنقسام كالعادة بين فريقيّ 8 و14 آذار على كل الهبات، وفقاَ لولائهم الخارجي بين اميركا والسعودية وايران، فيما يواجه الجيش وحده اشرس المعارك ضد الارهابيين.
في غضون ذلك يؤكد الواقع على ضرورة ان يبادر المسؤولون بتحركهم الجدّي لتسليح الجيش وإطلاق الحملة من جديد، مع مواكبة هذا التحرك من خلال سلسلة اتصالات في المحافل العربية والدولية الصديقة، وسط حملة دعم كبيرة من جميع الافرقاء تجاه الدور المشرّف الذي يقوم به الجيش، وهو الدفاع عن الوطن والارض، على الرغم من النقص في العتاد والتجهيزات وعدم إمتلاكه منظومة عسكرية جوية. والمطلوب ان تعود حملة تسليح الجيش من جديد الى المنابر، وتحديداً في الاول من آب كهدية للجيش في عيده، بهدف تحقيقها في هذه الظروف الامنية الدقيقة والصعبة التي يمّر بها لبنان.