يحيى أحمد الكعكي
لم أجد شخصية لعام ٢٠١٦ على مستوى لبنان «الوطن و»الرسالة الحضارية» أهم من شخصيتين هما: الرئيس «ميشال سليمان»، و»تمام صائب سلام»..
الأول الرئيس ميشال سليمان الذي طوال عهده من ٢٦-٥-٢٠٠٩ إلى ٢٦-٥-٢٠١٣، وحتى الآن مع «لقاء الجمهورية» لكل لبنان كان وبقي رجل «الميثاقية الوطنية» والتي أعطاها زخماً قوياً في «إعلان بعبدا ٢٠١٢» وبحفاظه على «الدستور» واحترام «إتفاق الطائف» الذي كرّس في «الإعلان الدستوري» ٢١-٩-١٩٩٠، و»لبنان اللاإنحيازي».
واحترامه لـ»لبنان الدولة المدنية»، والرافض بكل قوة «التعايش بين دويلات تنمو على هامش الدولة» واحترامه وحفاظه على «ديموقراطية المشاركة السياسية» التي كان قد أشار إليها في «إفطار الوحدة الوطنية» في قصر بعبدا في ٢٥-٧-٢٠١٢ حين أكد على أن لا مكان لسيطرة فريق فئوي على آخر، ولا لطائفة على أخرى، ولا غلبة للسلاح على أرض لبنان، ولتحدد صناديق الاقتراع لا صناديق الذخائر والسلاح مستقبل شعبنا ومستلزمات تقدمه وعزته وهنائه»..
ولكن «البعض» خاف من هذه «المصارحة»، وخاف من «صناديق الاقتراع» فانقلب على «الرئاسة الأولى» في انقلاب «١٨ شباط ٢٠١٣ السياسي» ومن ثم أكملوا الإنقلاب و»غيبوا» الرئاسة الأولى التي بقيت مغيبة، ليغيبوا معها «رمز» الوطن و»صوت» الوطن أكثر من ٣ سنوات و٥ أشهر، إلى أن انتخب المجلس النيابي الرئيس الـ»١٣» للبنان في ٣١-١٠-٢٠١٦!!
إنه الرجل الوطني الذي قال ولايزال يؤكد على أن «لا شراكة مع الجيش» و»لا للغضط على الزناد من أجل مصالح خارجة عن مصالح الدولة في الإجماع الوطني» الجيش عنده كان ولايزال المؤسسة الوطنية الجامعة الحامية لـ»الشرعية الدستورية»، وحماية سيادة لبنان غير المنقوصة، والدفاع عن كرامة وحدود لبنان، وهذا ما كان قد تأكد في مشاهد عديدة خلال قيادته للجيش من عام ٢٠٠٥ إلى ٢٠٠٩، ومن هذه المشاهد أشير إلى سحقه لـ»الجمرة الخبيثة» التي أطلت برأسها من «مخيم نهر البارد» ٢٠٠٧، فردها إلى نحور أصحابها، وأنقذ لبنان من أخطارها التقسيمية التي كانت مشبّعة بـ»الإرهاب المعَوْلم»، العابر للقارات، الذي «لا دين له ولا وطن ولا عنوان» فكان الجيش اللبناني بقيادة «العماد ميشال سليمان» أول «جيش وطني عربي» يُحارب» الإرهاب المعَوْلم» ويُجفّف منابعه، وينتصر عليه.
والمشهد الثاني، كان تصدي الجيش اللبناني لقوات العدو الإسرائيلي في «عديسة» في عهد «الرئيس سليمان» كرئيس لكل لبنان، مما أعطى الجيش مضموناً وطنياً كقوة نظامية رادعة تصون «لبنان - الوطن»، وتحمي سيادته واستقلاله، وليس - كما كان يُقال قبلاً - بأنه قوة رديفة لقوى الأمن الداخلي في لجم الأحداث الداخلية، أو كقوة رديفة لـ»اليونيفيل» في الجنوب..
إنه رجل «الحوار الوطني» و»عهد التصالح الوطني» و»دولة المواطنة المتساوية» في تعزيز «ثقافة الحوار» كـ»ضرورة» لا بد منها على طريق تحقيق «الوحدة الوطنية الجامعة» من أجل بناء «دولة القانون» أو «الدولة المدنية الوطنية» التي مواطنوها متعددين في «الدين» متحدين في «المواطنة». لتعزيز قيم «العيش المشترك» و»لبنان النهائي لجميع أبنائه» بعيداً عن أي أهواء «إيديولوجية» أو «ثيوقراطية» فإنقلبوا عليه في إنقلاب «١٨ شباط ٢٠١٣» السياسي.
وهو كان قد بدأ في بث «ثقافة الحوار» بدءاً من «خطاب القسم» حينما ذكّر اللبنانيين جميعاً بأن «الدولة المدنية» هي الحل الأمثل ليعيش فيها جميع أطياف المجتمع اللبناني، وأن الحفاظ عليها هي القضية الوطنية الأولى في اطار البناء المستقبلي للوطن، الذي عادوا إليه اليوم لأنه مفتاح بقاء لبنان الدولة.
ثم عاد ليذكِّر اللبنانيين - ولم تنفع الذكرى يومها إلا قليلاً - قائلا: «أُذكِّر الجميع بتطبيق ميثاق العيش المشترك المنصوص عليه في البند -ي» - في مقدمة الدستور، هذا الميثاق الذي لا يهدف إلى توزيع الحصص بين الطوائف، ويلقي المسؤوليات على هؤلاء المسؤولين والمرجعيات، أقلها المشاركة في واجب احترام الدستور، وتطبيق القوانين وتطويرها وعصرنتها لتنقل وطننا من واقعه الراهن إلى دولة المواطنة أي عادوا إليها الآن..
وهو الذي أعاد وأكد في ١٨-١٢-٢٠١٤ حينما شدد على «أهمية الحوار بين جميع المكونات اللبنانية، شرط أن يستند إلى المصارحة والحقائق لتكون النتيجة أفضل بما يخدم المصلحة الوطنية.. لأن الحوار يُسهِّل ممارسة الديموقراطية، والحقيقة بدورها تقوي منطق الحوار».
إنه «غيض» من «فيض» يفرض أن يكون صاحب هذه «الرسالة الوطنية بوجهها الحضاري المميز» شخصية عام ٢٠١٦ على مستوى «لبنان» - وطناً يعيش فينا لا وطن نعيش فيه - وهو تعبير حضاري ثقافي في مقتبس عن «بابا العرب» الراحل الكبير «شنوده الثالث» في وصفه لوطنه «مصر بيت العرب»، الذي عاد «العماد سليمان» منه في عام ٢٠٠٧ رئيساً لكل لبنان.