عماد مرمل
بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، اعتبر الكثيرون ان «اعلان بعبدا» الذي وُضع في عهد الرئيس ميشال سليمان وبرعايته، قد سقط، وان صفحاته طويت مع انطلاقه العهد الجديد برئاسة الجنرال، المعروف انه كان قبيل انتخابه خصما سياسيا لسليمان.
وفي أعقاب الحريق الذي اندلع مؤخرا في قصر بعبدا، قيل ان النار أتت على «إعلان بعبدا» المعلق على أحد جدران القصر، وان مضمونه تحول الى رماد. ثم أتى البيان الوزاري بصيغه المركبة ليعزز قناعة معارضي «الاعلان» بانه صار من الماضي.
ولكن، ماذا يقول الرئيس السابق ميشال سليمان نفسه عن مصير هذا «الاعلان»، وهو «الاب الروحي» له، منذ ولادته؟ وكيف يصف علاقته بالعماد عون بعد توليه الرئاسة؟ وما هي نظرته الى قانون الانتخاب المختلط؟ وهل اللقاء وارد مع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله؟
يؤكد سليمان لـ «الديار» ان «اعلان بعبدا» في النفوس، وبالتالي فان النار لا تحرقه وانما تحرق فقط الاطار الخشبي الذي يحيط به، مشددا على ان من مصلحة العهد ولبنان التمسك به، لانه يشكل مظلة للحماية الوطنية.
ويلفت سليمان الانتباه الى ان «الاعلان» لا يلحظ «النأي بالنفس» كما يحاول البعض ان يوحي، بل هو يشير الى «تحييد لبنان عن الصراعات الخارجية» باستثناء ما يتعلق منها بالصراع العربي- الاسرائيلي والقضية الفلسطينية، مشددا على ان التحييد لا يعني بالضرورة اللاموقف، وإنما قد يتطلب احيانا المشاركة في حلف معين، او القبول او الرفض إزاء أمر ما، «وبالتالي فهو مغاير لـ «النأي بالنفس» الذي تفرضه ضرورات محددة كما فعلنا في مواجهة الانقسام الداخلي حول القرار الواجب اتخاذه حيال العقوبات الدولية على ايران، والتحييد كذلك مغاير للحياد الذي كان يطالب به تقليديا بعض المسيحيين في لبنان».
ويضيف: صحيح اننا نأينا بالنفس عن الصراع السوري، لكننا بالتأكيد لا يمكن ان نفعل ذلك إذا تعرضت سوريا لخطر التقسيم...
ويلفت سليمان الانتباه الى انه كان هناك اجماع وطني على طاولة الحوار في قصر بعبدا حول التحييد، «وما سُجل من اعتراضات تناول أموراً أخرى وليس هذا البند»، معتبرا ان ما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري في شأن ابعاد لبنان عن الصراعات الخارجية يعادل معنى التحييد الوارد في «اعلان بعبدا».
وكيف هي علاقتك بالرئيس عون؟
يؤكد سليمان انه لا يمكنه ان يتعاطى مع رئيس الجمهورية وممثلي السلطات الاخرى إلا وفق الاصول، مشددا على انه ليست لديه خصومة شخصية مع عون، «وأثناء رئاستي كنت حريصا على عدم خوض مواجهة مباشرة معه، وأنا الآن حريص على اعطاء فرصة لبناء علاقة جيدة بيننا، مع اصراري في الوقت ذاته على ان اقول كلمتي بصراحة في التوقيت اللازم».
ويتابع: خلال لقائي مع عون بعد انتخابه تمنيت عليه ان يتمسك بـ «اعلان بعبدا» ويستأنف النقاش في الاستراتيجية الدفاعية ويولي الاهمية المطلوبة لمجموعة الدعم الدولية للبنان.
ويكشف سليمان عن انه قال لعون اثناء لقائهما: إذا ذهبت الى المعارضة، تأكد انها لن تكون شخصية، وإنما ستكون بهدف التصويب متى وجدت ان هناك ما يستدعي تصويبه، وبامكانك ان تستفيد من معارضتي حتى تتخذ موقفا متوازنا بين الجميع.
وعلى وقع الاخذ والرد حول قانون الانتخاب، يشن سليمان هجوما على مبدأ المشروع المختلط الذي يجمع بين الاكثري والنسبي، واصفا هذا الطرح بأنه «هجين ومخنث، إذ لا هو ذكر ولا هو مؤنث».
وينبه الى ان «المختلط» يظلم خيار النسبية ولا يعطي نتيجة واضحة، بل يخلط الحابل بالنابل، لافتا الانتباه الى ان مثل هذا المشروع سيكون اشبه بمخلوق مشوه.
ويدعو سليمان الى اعتماد النسبية الكاملة ضمن المحافظات، مشددا على ان من شأن هذه الصيغة ان تخدم التعددية، وتعكسها في مجلس النواب، «والاهم انها تحافظ على الطوائف، لا على الطائفيين الذين يراد تفصيل قوانين على قياسهم».
وماذا عن واقع العلاقة مع «حزب الله»؟
لا يخفي سليمان وجود بعض الفتور الموروث من المرحلة السابقة، «والتواصل لا يتجاوز حدود الواجبات الاجتماعية، علما انني من جهتي منفتح على الحزب...»
وهل من امكانية لحصول لقاء مع السيد حسن نصرالله لتناول وجهات النظر حول المسائل الخلافية؟
يجيب سليمان: لا مانع بتاتا في انعقاد مثل هذا اللقاء، إذا توافرت الظروف اللوجستية المؤاتية...