سليمان: الفراغ هو التمديد وعون لن يمشي به لدي مشروع للمختلط غير تمييزي وغير معقد
روزانا بومنصف
يبدي الرئيس ميشال سليمان ثقة تكاد تكون مطلقة بأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم يقصد من التلويح بتفضيله الفراغ على التمديد لمجلس النواب او انتخابات على اساس قانون الستين اكثر من حض الافرقاء السياسيين على الاتفاق على قانون انتخاب جديد. اذ يجزم ان الرئيس عون يدرك ان الفراغ في السلطة التشريعية مواز للتمديد او هو التمديد بعينه بالاحرى وبصورة سيئة . ذلك ان عدم انتخاب مجلس نيابي هو خرق للدستور لن يسمح به اي رئيس للجمهورية لنفسه وهو الذي اقسم على المحافظة على الدستور . وتاليا فان التهديد بالفراغ ليس تهديدا فعليا لان الفراغ في السلطة التشريعية غير موجود لاسباب عدة منها بداية ان لبنان جمهورية برلمانية ديموقراطية واحتمال ان تشرع الحكومة مكان المجلس يشكل انقلابا في حد ذاته. فالدستور حدد مثلا واقع انه حين تنتهي مدة الرئاسة تستلم الحكومة لكن بالنسبة الى مجلس النواب فان الدستور ينص على انه في حال حل مجلس النواب من الحكومة واصدر رئيس الجمهورية مرسوم الحل، فان قرار الحل يوجب الدعوة الى انتخاب مجلس نيابي خلال ثلاثة اشهر يتابع خلالها مكتب المجلس اجتماعاته مما يعني ان الدستور لن يسمح بالفراغ في مجلس النواب . وبناء على المواد 25 و41 و55 من الدستور التي تتحدث تباعا عن انه اذا حل مجلس النواب وجب ان يشتمل قرار الحل على الدعوة لاجراء انتخابات جديدة وهذه الانتخابات تنتهي في مهلة لا تتجاوز ثلاثة اشهر ، وانه اذا خلا مقعد نيابي يصار الى الدعوة الى انتخاب بديل خلال شهرين او ايضا انه يبطل مرسوم حل المجلس في حال حصل ذلك اذا لم يصر الى انتخاب مجلس جديد خلال ثلاثة اشهر ، فان القانون ليس اقوى من الدستور . فاذا اوقف مفعول اي قانون فان مجلس النواب لا يتعطل فعلا بحيث ان عدم تعيين هيئة الاشراف على الانتخابات لا يجوز وينطوي على مخالفة دستورية في حين ان اجراء انتخابات على اساس اي قانون مهما كان سيئا يبقى افضل من الفراغ الذي يعني التمديد عمليا لان الانتخابات تعني في النهاية تداول السلطة ولو بالحد الادنى وفق القانون النافذ حاليا ولان المجلس يستمر بالمعنى الدستوري ولان الدستور لم يتضمن اي شيء ينوب عن المجلس النيابي الا المجلس النيابي. ولذلك هو على ثقة بان الرئيس عون لن يسمح بالفراغ لكل هذه الاسباب.
وبالنسبة الى الرئيس سليمان الذي كان مبكرا في اعتبار القانون المختلط الذي تم التوصل اليه اخيرا واجهض في مهده غير دستوري وقابل للطعن لافتقاده المعيار الواحد بالنسبة الى الناخب والمرشح على حد سواء ولتمحوره حول معادلة حسابية اوجدت معايير مختلفة، فهو سبق ان قدم مشروعا على اساس النسبية على مستوى المحافظات بعد اعادة النظر فيها بحيث يتساوى تقريبا عدد النواب في كل محافظة في كتاب وصل الى الافرقاء السياسيين والنواب بعد درسه في "لقاء الجمهورية" الذي يرأسه . لكنه وفي حال الاصرار على القانون المختلط، علما انه رأى في المختلط الذي تم التوصل اليه سابقا بين تيار "المستقبل" والحزب التقدمي الاشتراكي و"القوات اللبنانية" عيوبا دستورية ايضا، فان هناك طرقا اليه في رأي الرئيس السابق للجمهورية تلحظ اقفال الثغر التي شابت المشروع الذي سقط وذلك من خلال استناده كما يقول الى قاعدتين او ثلاث هي: عدم التمييز بين المرشحين وبين الناخبين بل المساواة بين الجميع بحيث يحافظ القانون على بساطة العملية الانتخابية اضافة الى ان الفرز او عدد الاصوات هو الذي يميز بين النسبي والاكثري. واذ يرفض سليمان الافصاح عن مزيد من التفاصيل في هذا الشأن في انتظار اطلاع المعنيين عليه وهو لم يطرحه على احد بعد كما يقول في حين ان الافصاح عن بعض التفاصيل قد لا يكون كافيا في هذا السياق او ربما يعطي فكرة ناقصة او مشوهة عن الموضوع، فانه يشير الى امكان احداث تلاق بين الدائرة الصغرى والصوت الواحد التفضيلي والنسبية في وقت واحد وذلك كمرحلة انتقالية يصار خلالها الى تخفيف الهواجس والمخاوف المرتبطة باعتماد النسبية الكاملة من خلال اقرار اللامركزية الادارية واقرار الاستراتيجية الدفاعية . وهو يعيد الى الذاكرة انه قدم قانونا نسبيا للبلديات في العام 2010 التي يتخطى عدد اعضائها 15 وهو يطمح في ما يطرحه الى النسبية على مستوى المحافظة مع الحفاظ على المناصفة.
اما في حال عدم الاتفاق على قانون يكون الحل الامثل قبل الانتخابات المقبلة ، فان ذلك قد يفرض الذهاب الى حلول اخرى. ولن يكون سيئا جدا في رأيه الذهاب مجددا الى قانون على اساس اكثري لمدة انتقالية قد يكون الستين معدلا مع اصلاحات تطاول موضوع الاعلام والانفاق الانتخابي واللوائح المطبوعة مسبقا وكذلك التوعية والارشاد الى جانب المقاعد المحجوزة للكوتا النسائية او ايضا اي قانون اخر اكان على اساس الدائرة الفردية او سوى ذلك انما على اساس اكثري شرط عدم تضييع الهدف بقانون مختلط يشوه النسبية كما يقول. فهناك مشاريع يفترض ان ترفد القانون على الاساس النسبي بما يدعمه اي انشاء مجلس للشيوخ واقرار اللامركزية الادارية بحيث يصار الى انتخاب مجالس على مستوى القضاء. وقد لا يكون الوقت متاحا لكل ذلك راهنا مما يفترض البحث عن بدائل مقبولة وعادلة للجميع .