25 تشرين الأول 2013
كلمة السيدة سليمان في حفل افتتاح السنة الثقافية لمدرسة سيّدة الجمهور
​حضرات السيّدات والسادة،
أشعر بفرحة خاصة لتواجدي معكم في هذه الأمسية من أجل إطلاق فعاليات السنة الثقافية والتي باتت تقليدًا وحدثًا مرتقبًا في قلب هذه المدرسة المرموقة، مدرسة سيدة الجمهور.
اسمحوا لي بداية أن أتوجه بالشكر إلى رئيس المدرسة الأب برونو سيون وإلى لجنة التوجيه في مركز التراث الموسيقي اللبناني واللجنة الإدارية للمركز الرياضي والثقافي والاجتماعي ونائب الرئيس السيدة جومانا حبيقة الذين يواصلون مهمتهم المتميزة من خلال تقديم برنامج يمتزج فيه الجمال والفن والثقافة للسنة الـحادية عشرة على التوالي وحيث يمكن لكل مشارك أن يجد ما يلبي توقعاته.
صحيح أننا مهتمون جميعًا على اختلاف أجيالنا بانطلاق فعاليات السنة الثقافية وأن الأنشطة المقترحة جاءت ردًا على التوقعات الثقافية والموسيقية لعدد كبير من اللبنانيين، إلا أني أودّ أن أتوجه بكلامي بشكل خاص إلى الشباب. أقول لهم، استفيدوا من كل الأنشطة المقدمة كي تصبحوا محبّين حقيقيين للفنون وإن كان بعضكم لا يملك بالضرورة الرموز أو المفاتيح المطلوبة للإبحار نحو أماكن وعوالم تبدو لكم أكثر من بعيدة ومستحيلة المنال.
لم آت لإقناعكم بدور الفن والثقافة في صقل شخصية الإنسان وتشريع أبواب الخيال وتحقيق المصالحة مع الذوق والرغبة في التعلّم فهذه حقيقة دامغة. ومع ذلك، ينظر البعض أحيانًا إلى الثقافة كسلعة فارهة، كغذاء يفيض عن الروح، كترف لا يمكن تحمل كلفته إلا عندما تكون الأمور على خير ما يرام ونستخدمه كوسيلة للتكيّف في أوقات الأزمات. لكن في الواقع، الثقافة أكثر من ذلك بكثير. هي اليوم رهان حقيقي ذات أهمية جوهرية: فالثقافة قافلة التقدّم واللقاء الحيّ مع الفنّ والتراث لتكون بذلك رهانًا ديمقراطيًا.
رهان الديمقراطية، رهان الاندماج، رهان التضامن يعني أن نتقن التعايش معًا في أماكن التنوّع والتسامح. ولا شكّ في أن الفنّ في هذه المرحلة الحسّاسة والحاسمة بالنسبة إلى سكينة أجيالنا المستقبلية، وانطلاقًا من مفهومه الأكثر نبلًا قادر على مساعدة المواطنين على التكيّف مع الإشكاليات الاجتماعية والأثنية والدينية.
أوليس تحديدًا من خلال حوار الثقافات، يسود السلام العادل والدائم والحقيقي بين الشعوب؟  
حضرات السيدات والسادة على المستوى الوطني، باتت الدولة مدعوة إلى تعريف الخطوط التوجيهية من أجل تطوير قدرات الشباب الفنيّة وتشجيع الأفضل بينهم. مازلنا في مرحلة المخاض حيث لا نشهد في معظم الحالات إلا بعض المبادرات الفردية التي تساهم في إلقاء الضوء على فناني لبنان على الساحة الدولية.
ومع ذلك، لا بدّ من القول: نحن جميعًا كمواطنين كمنتخبين وكأصحاب قرار الشأن العام مسؤولون عن مواكبة المتميزين بصورة يومية عبر مدّهم بالسبل والمؤهلات.
أكنا نتحدّث عن سياسة للكتاب والقراءة العامة أو دعم السينما أو الإنتاج المرئي والمسموع أو الحفاظ على التراث وتثمينه أو تحفيز فنون المسرح والفنون الاستعراضية والموسيقى وتشجيع الكتّاب والممثلين والفنون البصرية أو دعم الصناعات الثقافية وتعزيز جهود الرعاية، فالتحدي كبير.
لكن بفضل التزام الجميع من خلال وفرة المواهب وتلاقي أهدافنا، سنكون قادرين معًا على الارتقاء إلى مصاف الطموح. "يشهد تطوير التعليم الفنّي والثقافي على إرادة فخامة رئيس الجمهورية لتعبئة كل الطاقات خدمة للشباب".
بالتالي، تعريف الخطوط التوجيهية لا يعني ببساطة اتخاذ تدبير فوري أو آني بل هي أيضًا دعوة إلى التفكير في شروط الطموح الدائم والمشروع التعليمي والمجتمعي المستدام.
في وقت يجتاز فيه لبنان والمنطقة مرحلة انتقالية حساسة ملطخة بأيادي العنف القاسية، يبدو ضروريًا لا بل إلزاميًا أن نعيد تثمين تراثنا الثقافي ونحافظ عليه وعلى ميثاقنا الوطني القائم على الحوار والوفاق والتعايش من أجل نفخ الحياة من جديد في لبناننا ولاسيما في شبابنا.
تشكّل مؤسساتنا المدرسية والجامعية مثل مدرسة سيّدة الجمهور المهد الأول لهذه المهمة التعليمية التي ستسمح بتطوير لبنان وصولًا إلى بلد معاصر ومزدهر ومتناغم.
حضرة الأب سيون، رجائي لكم ولمجمل الجسم التربوي أن تواظبوا على إنجاز هذه المهمّة النبيلة. وها أنا أعيد التأكيد لكم على التزامي بهذا المسار وبالوقوف إلى جانب كل من يساهم في التألّق الثقافي لبلدنا. أخيرًا، أتمنّى لكم جميعًا عامًا يرتقي إلى مستوى طموحاتكم الثقافية.
شكرًا لكم على حسن الانتباه.
 
تابع الرئيس على
© 2024 ميشال سليمان جميع الحقوق محفوظة