31 آذار 2014
البيان الختامي لهيئة الحوار الوطني في قصر بعبدا
​انعقدت هيئة الحوار الوطني بتاريخ 31 آذار 2014 في القصر الجمهوري في بعبدا برئاسة فخامة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال سليمان ومشاركة أفرقاء الحوار، وقد تغيّب منهم دولة الرئيس سعد الحريري، النواب محمد رعد، سليمان فرنجية، طلال ارسلان وأسعد حردان ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. افتتح فخامة الرئيس الجلسة باستعراض التطوّرات التي حصلت منذ 20 ايلول 2012 والصعوبات التي أدّت إلى تعليق أعمال الهيئة منذ ذلك التاريخ. أشار فخامة الرئيس إلى المخاطر والتحديات المتزايدة والناتجة عن تفاقم مشكلة اللاجئين السوريين وارتفاع وتيرة الأعمال الإرهابيّة وحدّة التوتّر المذهبي، وعدم الالتزام بما تمّ التوافق عليه في مقرّرات هيئة الحوار الوطني، ولا سيّما إعلان بعبدا، وعرض ابرز نقاط تصوّره للاستراتيجية الوطنية الدفاعية. كما نوّه بإنشاء مجموعة الدعم الدوليّة للبنان وما صدر عنها من خلاصات لدعم الاستقرار في لبنان وركائز الاقتصاد الوطني وقدرات القوات المسلّحة اللبنانيّة والجهد القائم لمواجهة معضلة النازحين. وأعرب عن ارتياحه لتطوّر الأوضاع في مصر وتونس باتجاه غلبة تيار الاعتدال والتوافق بين جميع مكوّنات المجتمعات العربيّة على قاعدة المواطنة واحترام الحريّات الأساسيّة. وبنتيجة التداول توافق المجتمعون على ما يلي:
1- الترحيب بتشكيل حكومة المصلحة الوطنيّة الجامعة والتأكيد على ضرورة نجاحها في معالجة التحديات والمشاكل الأساسيّة التي تواجهها البلاد ولا سيّما فرض الأمن وسلطة القانون والتهيئة لإنجاز الاستحقاقات الدستوريّة في المهل المحدّدة وبصورة متوافقة مع التقاليد الديموقراطيّة اللبنانيّة.
2- الإشادة بما صدر من خلاصات عن مجموعة الدعم الدوليّة للبنان والعمل على متابعة تطبيق هذه الخلاصات.
3- التأكيد بأنّ التهديدات الإسرائيليّة المتمادية ضدّ لبنان والمماطلة في تنفيذ كامل مندرجات القرار 1701 وتزايد مخاطر الإرهاب ولا سيّما المخاطر الناتجة من تداعيات الأزمة السوريّة والسلاح المنتشر بصورة عشوائيّة بين أيدي المواطنين والمقيمين تستوجب التوافق على استراتيجيّة وطنيّة للدفاع حصراً عن لبنان.
4- مناقشة موضوع الاستراتيجيّة الوطنيّة للدفاع ولا سيّما بالاستناد للتصوّر الذي قدّمه رئيس الجمهوريّة إلى هيئة الحوار الوطني والذي اعتبرته الهيئة منطلقاً للمناقشة.
5- التأكيد على أهميّة تكريس نهج الحوار وديناميته والتلاقي بين اللبنانيين، والتمني على كامل افرقاء هيئة الحوار حضور الجلسة المقبلة وبذل الجهود في سبيل ذلك.
6- تحديد الساعة 11:00 من قبل ظهر يوم الأثنين الواقع فيه 5 أيار 2014، موعداً للجلسة المقبلة لهيئة الحوار الوطني لمتابعة مناقشة الاستراتيجيّة الدفاعيّة الوطنيّة. كلمة الرئيس سليمان في افتتاح جلسة الحوار
اهلا وسهلا بكم. نحن نجتمع اليوم، بعد انقطاع طويل لأكثر من سنة ونصف، وبعد سلسلة سجالات حيث خاطبنا بعضنا البعض بشكل قاسٍ وخرجنا عمّا سبق واتفقنا عليه، ليس فقط بخصوص الاعلام وانما ايضا بالنسبة الى ميثاق الشرف الذي كان طرحه الراحل غسان تويني، وقد خالفناه جميعا.
ومثلما قال دولة الرئيس، يمكن ان يتغير الموقف من اي امر، ولكن لا يجوز القول: "يغلوا ويشربوا زومو"... او "لا يساوي الحبر الذي فيه"... ان الاساءة التي وُجِهت الى هيئة الحوار لجهة التنكر لإعلان بعبدا هي الكبيرة وليس في ما يتعلق بعدم تطبيقه. لقد سبق واتخذنا عدة قرارات سواء في هيئة الحوار في مجلس النواب او هنا ولم نطبقها. انا اعرف ان للسياسي ظروفا وقد تتغيّر فيقول مثلا: انا الآن غير قادر على تطبيقه، اما ان يقال ان الاتفاق لم يحصل بشأنه او نحن كنا غير موافقين عليه فهذا لا يجوز، لذلك احببت ان اقول هاتين الكلمتين. كما علينا الانتباه ان هنا هو الموقع الاعلى في الدولة الذي يجمع السلطتين التشريعية والتنفيذية في رعاية رئيس الجمهورية واقطاب كبار، من ضمنهم من تنكّر واساء للإعلان. فمن يريد ان يتكلم عن اساءة، عليه ان يعرف اولا اين اساء هو بالذات ثم ينتقل الى اساءات الغير.
لقد مرّ الحوار بمراحل كثيرة، فقد بدأ مع دولة الرئيس نبيه بري في مجلس النواب في 2 آذار، حيث عقدت نحو 7 جلسات، وهنا انعقدت قرابة 17 جلسة. هناك قرارات لم تنفّذ بمعظمها، لكن الحوار ارسى جوا ومناخا جيدين، مرات عديدة، سواء في مجلس النواب او هنا، وواكبنا من خلاله مواضيع مهمة. لكن هناك قرارات كثيرة لم تنفذ، بدءا من تحديد الحدود الى ما يختص بالمحكمة الدولية وتغيير الموقف منها، الى موضوع المراكز الفلسطينية المسلحة خارج المخيمات وصولا الى اعلان بعبدا. وآخر جلسة التي انعقدت بعد زيارة قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر في ايلول 2012، وقد قدمت في خلالها تصوّري للاستراتيجية الدفاعية.
لقد حصلت مشكلات وتحركات كثيرة خلال هذه الفترة، على مستوى لبنان كما على المستويين الاقليمي والدولي. فمن الناحية الامنية، وقبل آخر جلسة في 20/9 حصل موضوع ميشال سماحة، وبعدها حصل اغتيال اللواء وسام الحسن واشتدت المعارك في سوريا وانعكس ذلك نزوحا كثيفا باتجاه لبنان، وتبع ذلك تدخلات من عدة اطراف لبنانية في سوريا، كما ذكر الرئيس بري وفي طرابلس، استمرت جولات القتال متقطعة، الى جانب التفجيرات الانتحارية ومن ثم ظاهرة الاسير وتفجيرات السفارة الايرانية والجامعين، وقصف بعض الصواريخ على بعض المناطق وبعده على القرى الحدودية، وحصلت اعتداءات جوية سورية ايضا واعتداءات انتحارية ضد الجيش وغير انتحارية الى جانب حوادث الخطف وعددها غير قليل، اضافة الى اغتيال الوزير محمد شطح والامور المطلبية وما رافقها من قطع طرقات وحركات تحدٍ لمظاهر الدولة. ان حوادث الخطف بين السنتين 2012-2014 بلغت 299 حالة، من بينها نحو 23 حالة لم تنته بعد، من لبنانيين وسوريين ومن جنسيات اخرى. اما الانفجارات فبلغت 23  انفجارا، وحوادث القتل بلغت 229.
اما بالنسبة الى الوضع السياسي الداخلي، فابرز ما حصل كان استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وتكليف الرئيس سلام، وقد بلغت فترة تصريف الاعمال نحو 11 شهرا، وما تبع ذلك من تعطيل للمجلس النيابي وتمديد ولايته الى جانب فشل المجلس الدستوري في الاجتماع للنظر بالطعن. وفي 25 ايلول 2013، انعقدت في نيويورك مجموعة الدعم الدولية للبنان وتم على اثرها التوصل الى ضع خلاصات وتبعها هبة سعودية الى الجيش اللبناني واجتماع تقني في ايطاليا في 10 نيسان المقبل لدعم الجيش، يليه اجتماع على مستوى وزراء الخارجية في حزيران. وحصل اجتماع ايضا في 5 آذار في باريس من اجل تأكيد الخلاصات الدولية، وقد تبعته القمة العربية في الكويت التي اقرت فصلا كاملا ومهما في شأن لبنان.
اما على المستوى الدولي فالاضطراب موجود في كافة انحاء العالم وقد ظهر اليوم جليا مع روسيا، وهناك خلاف عربي-سعودي-ايراني. وفي هذه الاثناء تمت معالجة ملف الاسلحة الكيميائية السورية بشكل جيد، فيما تسير معالجة الملف النووي الايراني بشكل صحيح على ما يبدو. وقد اتت الآن ازمة اوكرانيا ولكن تحصل مفاوضات بشأنها.
اما على المستوى الاقليمي، فالتفاوض الفلسطيني يسير تمهيدا للتوصل الى حل. وللأمر وجهان: فاذا ما حصل تفاوض ثنائي قد يطيح بمصالح الدول الاخرى، وهو غير شامل، فنحن لنا موقف من ذلك وقد عبرّنا عنه في الجامعة العربية.
وعلى مستوى الدول العربية، فقد حصل عزل للرئيس محمد مرسي واستفتاء على الدستور المصري الجديد الذي صوب البوصلة من جديد باتجاه الاعتدال في الانظمة الديموقراطية. كذلك فان الدستور التونسي يعتبر من الدساتير الجيدة. ولا ننسى ان اعتداءات مستمرة تحصل على غزة، كما هناك عدد من الخروقات المستمرة من قبل اسرائيل ضد لبنان، وصلت الى حد اطلاق بعض القذائف، وان كان الامر لم يحصل بصورة متكررة. وقد حصل للمرة الاخيرة في شبعا منذ فترة قصيرة.  
نحن نعاود اجتماعاتنا اليوم، والهدف من ذلك هو اعادة بناء الثقة بين الاطراف اللبنانية وتكريس الحوار واقامة جسر تواصل للرئيس الجديد. طبعا ليس الهدف من الحوار رئيس الجمهورية الذي يرئس هيئة الحوار، انما لتسهيل الحوار بين الاطراف، خصوصا واننا نستعد لانتخابات رئاسية ويقتضي ان تستمر هذه النقاشات على طاولة مجلس الوزراء. ومن المؤكد انه الى جانب النقاش حول موضوع الاستراتيجية الدفاعية، وهو الوحيد المتبقي، يتوجب مواكبة تنفيذ المواضيع الباقية. فلا يمكن ان نقر استراتيجية وننطلق بتنفيذها من دون ان نواكب ذلك بتنفيذ المقررات المتخذة. وانا اقول بضرورة مواكبة التنفيذ وهذا لا يعني بالضرورة الشروع الآن بالتنفيذ.
موضوع الاستراتيجية الدفاعية من الضروري الاتفاق بشأنه، فإمّا ان نكون مقتنعين بضرورة اعتماد استراتيجية وسير الدولة بها او لا. وهذا ليس لتضييع الوقت. لقد وضعنا ورقة لتكون صالحة للنقاش. وانا اقول ذلك لأنه من غير الممكن ان يكون في الحكومة اللبنانية طرف لا تُطبق عليه السياسة العامة للدولة التي تضعها الحكومة نفسها والتي تطبق على الجميع وعلى الجيش ايضا. كيف نضع هذه الاستراتيجية؟ هذا موضع نقاش، ولكن يجب ان نكون مقتنعين حقا باستراتيجية للدفاع تتبناها الدولة اللبنانية في سياستها العامة. يمكن ان تقول الاستراتيجية: لكم انتم الامرة، وتطالب بفك الجيش، لا مشكلة. ولكن لتضع الدولة اللبنانية السياسة العامة التي تنص على ماذا تريد من الاستراتيجية وكيف سندافع عن لبنان من الآن وصاعدا، خصوصا بعدما اعترى اهتزاز في وظيفة هذا السلاح الذي ذهب الى سوريا.
هذا يستوجب بالطبع جلسات كثيرة كي يتم التوصل الى اتفاق حول هذه الاستراتيجية، وليس الامر وفق مبدأ: كوني فكانت. واود التذكير ان الاستراتيجية الدفاعية تتضمن في ما تتضمن الافادة من القدرات القومية. والورقة التي قدمتها تتضمن الاخطار التي يمكن ان تكون طرأت عليها انواع اخرى نضيفها كخطر النزوح السوري الى لبنان الذي يبات خطرا كيانيا ووجوديا يطاول لبنان.
وبالحرف نذكر كيف يمكن، لمجابهة الاخطار، تعزيز الجيش ووضع خطة وكيفية تنسيق المرحلة الانتقالية وكيفية تصرف المقاومة خلالها، فنضع اطرا لهذا التصرف. وحتى هذه الاستراتيجية، وفي حال التوافق عليها وعلى كيفية استخدام المقاومة لمساندة الجيش، فإننا سنضع اطرا تشرح كيف يتم التعاطي في كل حالة من الحالات، وعندها يكون الجميع فد التزم بها. بمعنى انه يمكن ان نفترض حالات الاعتداء والاحتلال وغيرها ونضع حالات التصرف، ونعطي تاليا هذا المفتاح الى يد واحدة.    
ونحن وضعنا، لمجابهة الاخطار، هدف تعزيز الدولة وانماء طاقاتها لمقاومة اي اعتداء على ارض الوطن واي عدوان يوجه ضده وعلى ضمان سيادة الدولة وسلامة المواطنين. هذا الكلام منصوص عنه في المادة الاولى من قانون الدفاع الوطني، وليس من اختراعنا. ويمكننا ان نشرح نحن هذا الكلام بزيادة الاتي: تتمثل هذه القدرات بالطاقات العسكرية والسياسية والاقتصادية والديبلوماسية والاعلامية والتربوية التي يجب استخدامها في استراتيجية متكاملة عمادها الجيش اللبناني، هذا في التعريف. اي ان الموضوع السياسي الذي نحن في صدده، والمواضيع الاخرى هي عناصر قدرات تخدم الاستراتيجية التي تمكننا من الدفاع عن انفسنا، ما يعني ان هذه العناصر قد زادت.
انا اقول بوجوب التكلم في هذا الموضوع لأنه يجب ان يستمر النقاش بهذه الروحية، اذا كنتم على استعداد او لا حسب الوضع الجديد، فإن اي موضوع يخدم الاستراتيجية يمكن طرحه على الطاولة، ولكن لا يناقش ما لم يكن مقبولا من المتحاورين، واذا لم يكن هناك من قبول بالاساس، فلا لزوم لطرح الموضوع، ولكن في حال القبول يناقش بما يخدم الاستراتيجية الدفاعية.
فكما سبق وقلت: لا يكون هناك استراتيجية اذا لم يكن هناك اقتصاد قوي، او مجلس نواب منتخب بشكل صحيح يمثل الشعب، او حكومة تمثل فعلا السياسة اللبنانية وفق بيان وزاري يحوز على ثقة المجلس النيابي.
لذلك، يمكننا، اذا اردتم التحاور ولا يوجد اي اعتراض، بموضوع مرتبط بالاستراتيجية الدفاعية وليس بشيء آخر. اعتقد انه يمكننا مناقشة ثلاث فقرات:
- تحديد التحديات والرهانات والمصالح الوطنية المشتركة، اي المخاطر التي نواجه. كذلك الاعتراف بالتحديات والرهانات والاهتمامات التي تواجه كل طرف من اطراف الحوار، فيجب ان نعرف ما الذي يخيف الطرف الآخر ايضا وعدم الاكتفاء بطرح الامور التي تخيفني فقط كطرف في الحوار. هذه الحقيقة التي يستند اليها اي حوار في العالم، وهذا الموضوع قد ايدته الامم المتحدة، وكان اساس محاضرة القيناها في جبيل منذ فترة تحت عنوان "الحقيقة والحوار والديموقراطية".
اذا يجب اقامة الحوار على حقائق، فيجب وضع هواجسي وهواجس الآخر ومخاوفنا معا.
- تحديد المصالح الوطنية المشتركة التي يجب حمايتها وضمان سلامتها واعادة التأكيد على القيم اللبنانية المشتركة.
- الاتفاق على استراتيجية اما نهائية او آنية، ولكن متكاملة (عسكرية، سياسية، ديبلوماسية، مالية، انسانية واعلامية) لحماية لبنان خلال هذه الظروف الطارئة.
لقد احببت ان اعيد التذكير بهذا الموضوع لنتمكن من التكلم بانفتاح، ما دام الجميع يرغبون في مناقشة الاستراتيجية وهو امر جيد جدا ويجب ان يستمر ولن يتم الانتهاء منه في جلسة او اثنتين، ولكن اذا توافرت النية يمكن الانتهاء منه في غضون اربع جلسات تخصص الاولى للمبادئ العامة، والثانية لجداول تظهر الحالات التي تستدعي دعم الجيش من قبل المقاومة (وكيف تتم ومن يعطي الاشارة)، والثالثة اخراج لهذه الاستراتيجية مع تحديد الاوقات والمهل. سأكتفي بهذا القدر وسأعطي الكلام لمن يرغب.  
 
   

مقالات ذات صلة

تابع الرئيس على
© 2024 ميشال سليمان جميع الحقوق محفوظة