الرئيس سليمان: القرار العسكري للجيش وحده التغيرات في المنطقة توجب البحث في الاستراتيجيةالدفاعيةّ
المسيرة:
الرئيس سليمان:
القرار العسكري للجيش وحده
التغيرات في المنطقة توجب البحث في الاستراتيجيةالدفاعيةّ
إعتبر الرئيس ميشال سليمان أن الإستراتيجية الدفاعية للبنان غير مطروحة حاليا لاعتبارها من قبل البعض موضوعا خلافيا، وأن الظروف اليوم غير مؤاتية لطرحها، مؤكداَ ألاّ جدية في الطرح، لأن المتغيرات التي يحكى عنها باعتبار أنها لا تساعد على طرح ومناقشة لإستراتيجية الدفاعية، هي في الواقع توجب بحثها ومناقشتها بقلب مفتوح وفكر مستنير۔ وكشف في حديث لـ «المسيرة» أن فريق الثامن من آذار ليس فقط لم يلتزم بإتفاق بعبدا، بل أكثر من ذلك ذهب إلى إقحام لبنان في الصراعات الإقليمية. حتى النأي بالنفس الذي التزمت به الحكومة يقول السيد حسن نصرالله إنه يخص الحكومة ولا يخص الشعب. وكأن هذه الدولة ليست لهذا الشعب، أو الثلاثية المعروفة ليست قائمة۔
ودعا سليمان رئيس الجمهورية إلى المحاولة والدعوة إلى حوار۔ معتبرا أنه حتما منتج أقله لناحية إشاعة جو من التلاقي وبعث رسائل إيجابية إلى الخارج، ما يرفع الثقة ويشجع الإستثمارات، واستطرادا يدفع النمو صعودا، وغيرها من الإيجابيات. واليوم من مصلحة العالم أن يسلّح الجيش اللبناني، ونحن علينا أن ّنتلقف هذه الفرصة ونسلّح الجيش ونبني الدولة. وهذا النجاح عندما يتحقق لن يكون نجاحا لفريق على آخر أو لفريق من دون آخر، بل نجاح للجميع من دون استثناء. في النهاية لا بديل عن الدولة ومن يرفضها اليوم سيستجديها غدا. وفي ما يلي نص الحديث:
اليوم يستعاد الحديث حول طرح الإستراتيجية الدفاعية، كيف ترى ظروفها وحظوظها، وضمن أي طرح لأي استراتيجية دفاعية؟
الإستراتيجية الدفاعية للبنان غير مطروحة حاليا لاعتبارها من قبل البعض موضوعا خلافيا، وأن الظروف اليوم غير مؤاتية لطرحها۔ أنا أشعر ألّا جدية في الطرح. التغيّر الإستراتيجي الذي يحكى أنه حاصل في المنطقة والخلافات التي يحكى عنها باعتبار أنها لا تساعد على طرح ومناقشة الإستراتيجية الدفاعية، هي في الواقع توجب بحثها ومناقشتها بقلب مفتوح وفكر مستنير۔
لأنه لا يمكن أن تقوم دولة وتستمر إذا شهدت حالة مسلحة خارج سلطتها لفترة سنة أو سنتين، فكيف إذا كانت الدولة غائبة لفترة عشرين عاما۔ فالدولة حاليا لا تمون على الناس كما يمون على معظمهم "حزب الله"۔ ولو كان لذلك لخير الصالح العام يكون جيداً، ولكن في الحقيقة هو ليس كذلك۔
الرئيس عون كرر دائماً أن من أولى مشاريعه بحث الإستراتيجية تغيّرت من حولنا ۔ ولكن برأيي هذا التغيّر يُلزِمُنا بالبحث سريعاً باستراتيجية دفاعية لتجنيب لبنان تداعيات تلك المتغيّرات۔ نحن في هيئة الحوار اتفقنا على تحييد لبنان عن صراعات المنطقة معتبرين أن هذا يشكل مدخلا مناسبا لإقرار استراتيجية دفاعية ثم الذهاب إلى أمور أخرى مثل إلغاء الطائفية السياسية وما إلى ذلك. لكن في ما بعد تبيّن أن هناك رفضاً لإعلان بعبدا من فريق الثامن من آذار لا سيما "حزب الله" الذي جاهر بالرفض في حين أن باقي القوى الحليفة له أيدته من دون أن تعلن موقفها جهاراً "۔
لماذا برأيك لم يلتزم فريق الثامن من آذار باتفاق بعبدا؟
فريق الثامن من آذار ليس فقط لم يلتزم بإتفاق بعبدا، بل أكثر من ذلك ذهب إلى اقحام لبنان في الصراعات الإقليمية حتى النأي بالنفس الذي التزمت به الحكومة يقول السيد حسن نصرالله في أحد خطاباته من فترة، إن النأي بالنفس يخص الحكومة ولا يخص الشعب۔ وكأن هذه الدولة ليست لهذا الشعب۔ أو الثلاثية المعروفة ليست قائمة۔ ويقول إن قرارات الحكومة لا تلزمنا، وهذا يعني أن كل حزب مسلح أو غير مسلح يمكن أن ينتمي إلى محور ما ويجاهر بانتمائه إليه ويحصل على دعمه۔ وهذا لا تنقصه الإمكانية والقدرة بل القرار، لأنهم إذا قرروا تتوفر الإمكانية ۔ ولكن معظم اللبنانيين قرروا الإبتعاد عن الحروب طالبين قرروا الإبتعاد عن الحروب طالبين العيش بسلام، باستثناء انخراط "حزب الله" المعلن، وخير ما فيه أنه معلن،طبعا أنا ضد هذا الإنتماء، لكن هم يجاهرون به ويطلبون عدم الإعتراض عليه، باختصار،الطائف أرسى معادلة مهمة، وهي أنه أوقف اقتتال الآخرين على الساحة اللبنانية۔ وقد سعينا من خلال إعلان بعبدا إلى وقف قتال اللبنانيين على الساحات الخارجية، ساحات المحاور۔ ولكن حتى لو لم يطبق إعلان بعبدا فإن الإرادة السياسية عند اللبنانيين حالت دون قتال بعضهم على الساحات الخارجية۔
ألم يكن بالإمكان تحييد لبنان عن هذه الصراعات؟
بالنسب الي، تحييد لبنان شكل مقدمة للإنطلاق بالإستراتيجية الدفاعية۔ وإن ما أوجد حاجة لدى الجميع لإعلان بعبدا هو مشاركة بعض اللبنانيين في بداية الأحداث في سوريا إلى جانب المعارضة السورية۔ وبدأت محاولات استيراد أسلحة، وذلك قبل أن تتحول المعارضة إلى منظمات إرهابية۔ لذلك كانت هناك حاجة إلى منع هذا القتال في سوريا۔ وهذه الحاجة لم تكن لدي فقط بل لدى "حزب الله" أيضاً، قبل أن يضطر إلي التوجّه هو إلى سوريا، بداية لحماية عدد من القرى الشيعية المتاخمة للحدود مع لبنان، والحد الأقصى حماية مقام السيدة زينب۔۔۔ ليتطور الأمر في ما بعد إلى ما وصل إليه وعندها انسحب "حزب الله" من إعلان بعبدا كونه لم يعد حاجة بالنسبة إليه كما كان في البداية،
وأنا سعيت من خلال الجهود التي قمت بها إلى أن ترسي الإستراتيجية الدفاعية سلطة الدولة وسيادتها وليس تقاسم السلطة والسيادة مع أي جهة أخرى۔ وشكلت فريق عمل سياسيا وعسكريا من مستشاريّ۔ عمل على وضع تصور للإستراتيجية الدفاعية ۔ كان في حاجة إلى النقاش بتفاصيله وقد أكد التصور على أن قرار الحرب والسلم هو بيد الدولة اللبنانية، والقرار العسكري هو للجيش اللبناني على أن توضع المقومات الوطنية المتوفرة من عديد وسلاح بإمرة الجيش اللبناني عند الحاجة۔ وهناك من قال إذا عجز الجيش وكذا۔۔۔ ولكن أنا أقول أن الجيش ليس عاجزاً وهو يستعين بالقوى المتوفرة عندما تدعو الحاجة۔
وعندما نقول قدرات الجيش والدولة لا نعني القدرة العسكرية فقط بل القدرات السياسية والديبلوماسية وما إلى ذلك من إمكانيات. وبما أن المقاومة موجودة ولديها سلاح نوعي، وبما أن لدينا مع إسرائيل هذه الإشكالات، يجوز الإستعانة بقدرات المقاومة لفترة إنتقالية تكون فيها تحت أمرة الجيش عندما يحتاج الجيش إلى ذلك. طبعا هذه الورقة كانت في حاجة إلى مناقشة مستيقضة لم تحصل۔
كيف تصف مسار الاستراتيجية الدفاعية وما مصيرها؟
موضوع الإستراتيجية الدفاعية ورثناه من إجتماعات طاولة الحوار التي دعا إليها الرئيس نبيه بري في العام 2006 وكان العماد لحود رئيساً للجمهورية وكانوا يجتمعون إلى طاولة الحوار لمعالجة الإشكالات، ثم وقعت الحرب وتوقف البحث في الإستراتيجية الدفاعية۔ وكان تم الإتفاق يومها على نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وترسيم الحدود وغيرها من البنود۔ وعندما استكملنا البحث بها لم نجد سهولة الّا في بحث تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية، علما أن إعلان بعبدا ليس مقتصراً فقط على تحييد لبنان، بل هناك بنود كثيرة منها الإلتزام بتطبيق القرار الدولي 1701 وتعزيز مؤسسات الدولة ودعم الجيش والقضاء، والتمسك باتفاق الطائف وضبط الأوضاع على الحدود۔ وسبق أن أعلنا أنا والرئيس بشار الأسد في بيان مشترك في العام 2008 الإتفاق على ترسيم الحدود، غير ذلك مثل التبادل الديبلوماسي۔
ولماذا لم يكن هو في الواجهة؟2006كيف كانت وضعية الجيش في حرب تموز
في ما خص حرب تموز 2006 لا بد من التوضيح أو التذكير بأن الجيش لم يكن منتشرا في الجنوب وبالتالي ليس على تماس مع العدو الإسرائيلي ليكون هو في المواجهة۔ لذلك أبناء الجنوب هم من قاموا بالمواجهة۔ ومع ذلك أعطيت أمرا - وكنت يومها قائداً للجيش –بوجوب تدخل وحداته قتاليا حيث تدعو الحاجة، حتى لو لم يكن على تماس مع جيش العدو۔ وذلك لأنني على يقين بأن المستقبل هو للجيش، وقد تدخل الجيش وسقط له عدد من الشهداء۔ وبعد صدور القرار 1701 انتشر الجيش في الجنوب تطبيقاً للقرار، وفي الوقت نفسه "حزب الله" كان في حاجة إلى هذا الإنتشار، واسرائيل أيضاً، بهدف تهدئة الجبهة هناك۔ أما عدم نزع سلاح المقاومة فمرده أولاً إلى قناعة لدى السلطة السياسية من جهة وقيام الأمم المتحدة من جهة ثانية بإعطاء فترة سماح واعتبار أن السلاح يجب أن يكون موضوع حوار بين السلطة اللبنانية والأطراف المسلحة۔ ربما كانت المسألة مبهمة إلى حد ما، لكن الهم الأساسي كان انتشار الجيش للتخلص من حالة الحرب، وثانياً منع أو مصادرة السلاح الظاهر والمخازن المكشوفة۔
الحدودية في سوريا ومقام السيدة زينب ليخفف من حدّة تدخله في الحرب السورية؟ القرى ألا تعتقد بأن "حزب الله"
هل قرار "حزب الله" هو بيده أم بيد الجهة التي ترعاه؟ هنا يكمن السؤال۔ وحزب الله كان يميل إلى عدم التدخل في سوريا لكن عندما طلبت منه ايران ذلك انخرط في تلك الحرب۔ وأصلا هو لا ينكر ذلك، ولكن في ظل هذه الوقائع، نحن كدولة هل نستسلم؟ طبعاً لا علينا أن نحاول ونكرر المحاولة إلى أن ننجح، لذلك أدعو رئيس الجمهورية إلى المحاولة والدعوة إلى حوار وهو حتما منتج أقله لناحية إشاعة جو من التلاقي وبعث رسائل إيجابية إلى الخارج، ما يرفع الثقة ويشجع الاستثمارات، واستطراداً يدفع النمو صعودا، وغيرها من الإيجابيات۔
واللافت أن هناك من يعتبر أن المواضيع الخلافية لا نحيلها إلى مجلس الوزراء لتجنب إرباكه من الداخل۔ ولكن إذا لم يكن مجلس الوزراء قادراً على بحث المواضيع الخلافية فماذا يبحث؟ وهل يقتصر دوره على بحث المسائل الإقتصادية فقط؟
ماذا عن حادثة عرسال؟
يتهمونني بأنني منعت الجيش من ملاحقة الخاطفين علما أني كنت أصبحت في منزلي قبل ثلاثة أشهر من الحادثة. إن ما أدى إلى خطف العسكريين في عرسال هو الفراغ الرئاسي، ومن تسبب بالفراغ الرئاسي هو المسؤول عن خطف العسكريين ولست أنا ولا الرئيس تمام سلام وليوقفوا هذه الحملات والتمادي في التجنّي۔
لماذا لا يتم تسليح الجيش للقيام بدوره كاملا، هل لغياب الإمكانية أم لغياب النيّة؟
الجيش قادر على القيام بما يطلب منه من مهمات، ولكن وحدة الجيش لا تعني إستغناءه عن القدرات القومية۔ وهي متشعبة وهناك سلاح موجود لدى " حزب الله" غير موجود لدى الجيش حتى الآن۔ واعتمدت سياسة أثناء الوجود السوري في لبنان أنهم يدعمون الجيش عند الحاجة۔ واليوم ما المانع أن توضع صواريخ "حزب الله" بأمرة الجيش عندما تدعو الحاجة إلى ذلك۔ أنا وضعت برنامجا بقيمة مليار و 200 مليون دولار لتسليح الجيش۔ وقدّمت لنا المملكة العربية السعودية 3 مليارات ومن ثمّ ملياراً آخر۔ أما لماذا ذهبت ولم نستفد منها؟ فأعتقد أنها مسؤوليتنا نحن۔إذ في تلك الفترة ارتفع صوت الممانعة وتراجع صوت السياسة في لبنان۔ واختفى تقريباً عندما تركت سدة الرئاسة۔ فأنا خوّنت لذلك تراجع الآخرون عن المطالبة بتطبيق إعلان بعبدا۔ إلى درجة أنه شطب من البيان الختامي لإحدى القمم العربية۔
هل يتردد الغرب في تسليح الجيش خوفا من تسرب أي سلاح نوعي إلى حزب الله؟
لم يحصل ذلك ولا يحصل عند الجيش
ماذا كلفك تعبير المعادلة الخشبية؟
كلّفني المحافظة على البلد۔
والصواريخ التي أطلقت على قصر بعبدا؟
يومها كنت أتحدث في تأبين أحد الضباط وقلت أن هذه هي الشهادة للقضية الحقيقية. وتم إرسال الرسالة الصاروخية، ولم أكن أعني أحدا بكلامي بل قلته إيمانا مني بتضحيات الجيش. ربما فسرها البعض أنها تستهدفه لا أعلم۔ ولكن معلومات إستخبارية غير مثبتة أفادت يومها أن إرهابيين ربما يكونون قد تسللوا وأطلقواالصواريخ۔
برأيك ألا يشكل الرد على إعتداء الضاحية بالطائرتين المسيّرتين نسفا لبحث الإستراتيجية الدفاعية وللقرار الدولي 1701 معاً؟
اليوم لو كنت رئيساً لأعطيت أمراً للجيش للردّ على اعتداء الضاحية ۔ وأعتقد أن من مصلحة العالم اليوم أن يسلّح الجيش اللبناني، ونحن علينا أن نتلقف هذه الفرصة ونسلح الجيش لنقول لـ"حزب الله" نشكرك ولتدع شبابك يساهمون في النمو والمشاركة مع جميع اللبنانيين في بناء البلد۔ وهذا النجاح عندما يتحقق لن يكون نجاحاً لفريق على آخر أو لفريق دون آخر، بل نجاح للجميع دون استثناء ۔ وإذا كان هذا الأمر غير قريب نسبياً،ولكن علينا أن نعمل لتحقيقه. في النهاية لا بديل عن الدولة ومن يرفضها اليوم سيستجديها غدا۔ ولا عقد أبدية فعندما تحل أزمات المنطقة علينا أن نكون جاهزين لاستثمار واقع ما بعد الأزمات، وليس سوى الدولة والدولة وحدها قادرة على ذلك۔ فهل ننتظر حلول تلك الساعة للبدء ببنائها، أم نبادر اليوم فنكون جاهزين وقادرين على مواجهة المستجدات؟