سليمان لـ”المسيرة”: تفاهم معراب يشبه اعلان بعبدا… واخشى تقسيم لبنان اذا قسمت سوريا
“الهبة تعثرت بعد وفاة الملك عبد الله، هذا ما كشفه الرئيس الأسبق ميشال سليمان لـ”المسيرة، مضيفا “إن اشاعات سرت بأن هناك مماطلة وتأجيلا.
ورأى ان، “ابتعاد الفريق الذي يواجه “حزب الله” سياسيا عن “اعلان بعبدا” أدى الى رحرحة سياسية لدى الحزب”، مشيرا الى ان “اعلان بعبدا” يشبه النقاط العشر التي ذكرها الدكتور سمير جعجع في معراب.
وطالب سليمان “حزب الله” بوقف تدخله في الشؤون الخارجية وبعودته الى لبنان، معتبرا ان عبور عناصره الحدود اللبنانية للقتال في سوريا خرق للسيادة اللبنانية.
وعن تأثير قرار المملكة على اللبنانيين العاملين في الخليج، قال سليمان: “لدي قلق، ولكني أنظر الى العلاقة بصرف النظر عنهم”.
النص الكامل لحديث الرئيس الأسبق للجمهورية ميشال سليمان عبر “المسيرة” – حاوره: فادي الاحمر
قاطع في كلامه. لا يتهرّب من سؤال. يجيب بحماسة ولكنه لا يتسرّع. يدلي برأيه بصراحة من دون التعرّض للأشخاص. يضنيه تدني مستوى الخطاب السياسي الذي يعتبر أنه كان السبب وراء قرار المملكة العربية السعودية الأخير تجميد الهبة المخصّصة لتسليح الجيش اللبناني. الهبة كانت مبادرة من الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز. ساهم بها سعيه الدؤوب لتسليح الجيش منذ كان قائداً له. ويحزنه اليوم خسارتها. ولكن الأساس بالنسبة إليه هو إصلاح العلاقات مع الدول العربية. فلبنان عربي الانتماء. وعلى الدول الأخرى تفّهم هويته هذه، وليس العكس. يخشى الشغور الحالي كونه يهدف الى تغييب لبنان عن الساحة الإقليمية. في مكتبه المطلّ على وزارة الدفاع الوطني وقيادة الجيش كان هذا الحوار مع الرئيس السابق للجمهورية العماد ميشال سليمان الذي انطلق من قرار المملكة الأخير لينتقل الى الوضع الداخلي ومسألة الشغور الرئاسي وصولاً الى قضية ميشال سماحه.
ما هو شعوركم تجاه تجميد الهبة السعودية لتسليح الجيش اللبناني؟
خدمت في الجيش مدّة 41 عامًا. انخرطت في سن الـ 18. وتقاعدت قبل سن الستين ببضعة اشهر. بذلك اكون أحد الضباط والأفراد القلائل الذين خدموا هذه المدة الطويلة. مذ كنت قائداً للجيش كان هدفي تأمين تسليح للجيش. بعدما انتخبت رئيساً للجمهورية أصبحت لدي اتصالات أوسع واقوى. واستطعت الحصول على هذه الهبة من الملك عبدالله. المؤسف أنه منذ الإعلان عنها بدأ التشكيك والتجريح والتشهير والكلام عن صفقات وشروط وتبديل في عقيدة الجيش… وكلّه كلام ليس له أساس.
فخامة الرئيس، من قام بالمبادرة أنتم أم الملك؟
الملك عبدالله هو صاحب المبادرة. ولكن الموضوع قديم بيني وبينه. منذ كنت قائداً للجيش وكان الملك الراحل ولياً للعهد طلبت المساعدة في تسليح الجيش وتجهيزه. مع الوقت تعزّزت الثقة بيننا. بعد ان اصبحت في سدّة الرئاسة أثرت هذا الموضوع في عدّة مناسبات وخلال الزيارات التي قمت بها الى المملكة.
لماذا أتت المبادرة في نهاية عهدك، وبعد تدخّل “حزب الله” في القتال في سوريا، وبروز ضعف السلطة المركزية في بيروت أكثر فأكثر؟
ربما أتت نتيجة اقتناع الملك حينها بأن الجيش بحاجة لإمكانات لتطبيق الاستراتيجية الدفاعية. في العام 2012 اقرّينا “إعلان بعبدا”. وقلنا فيه بتحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية. وعلى طاولة الحوار ذاتها قدّمت تصوّرا للاستراتيجية الدفاعية. وقلت فيها، ريثما يتم تزويد الجيش اللبناني بالسلاح والتجهيز بما يكفي ليتمكن من الاضطلاع بمهمة الدفاع عن البلاد لوحده، اي خلال سنتين او ثلاث، يمكن الاتفاق على آلية لدعم الجيش من قبل المقاومة بناء لطلبه. الآلية بطبيعة الحال بأمرة رئيس الجهورية او المجلس العسكري او الحكومة. لم تُناقش الاستراتيجية أبداً بسبب توقّف الحوار بعد “إعلان بعبدا”. في العام 2013 تأسّس “فريق الدعم الدولي” للبنان (International Support Group-ISG). دعت إليه الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن مع الامم المتحدة. وكان هدفه دعم لبنان على أساس “إعلان بعبدا”. عقد الاجتماع الأول في الامم المتحدة في 25 ايلول 2013. وتقرّر دعم الاستقرار السياسي للبنان عن طريق تطبيق “إعلان بعبدا”. ودعم الاستقرار الأمني عن طريق دعم الجيش والقوى الأمنية. ودعم الاستقرار الاقتصادي عبر فتح صندوق ائتماني للبنان في البنك الدولي لتعويض الخسائر التي تكبّدتها المؤسسات اللبنانية والبنى التحتية جراء اللجوء السوري. وقد قدّرت الخسائر حينها بـ 7.5 مليارات دولار. في هذا الاطار الداعم للبنان اتى قرار المملكة بتقديم الهبة الى الجيش اللبناني.
هل كان هناك ضوء أخضر أميركي لتسليح الجيش؟
كان الضوء الأخضر دوليًا حينها. في ما بعد عقد فريق الدعم عدّة اجتماعات. أحدها في باريس، انضمت إليه السعودية وألمانيا. كما عقد اجتماعان فيما بعد في نيويورك في أيلول 2014 وأيلول 2015. في الإطار ذاته عُقد اجتماع آخر في روما خُصّص لدعم الجيش اللبناني.
ما كانت أهداف المملكة من تقديم هبة غير مسبوقة لتسليح الجيش اللبناني؟
هدفها تعزيز قدرات الجيش اللبناني لتطبيق الاستراتيجية الدفاعية وتطبيق “إعلان بعبدا” الذي دعمته المملكة العربية السعودية.
ألم يكن لديها الخوف من هيمنة “حزب الله” على الدولة اللبنانية؟
أكيد. هدفها كان دعم الجيش وتقويته لنصل الى مرحلة يتخلّى فيها الحزب عن سلاحه طالما ان الجيش اللبناني أصبح قادراً على الدفاع عن البلاد. وكان السيد حسن نصرالله يقول بأن شبابنا (شباب الحزب) يريدون العودة الى أشغالهم وحياتهم العادية.
ألم يكن لدى المملكة هاجس وقوع هذا السلاح بيد “حزب الله”؟
لا. لم يحدث ان تسرّب سلاح الجيش في لبنان. ما تم الاستيلاء عليه خلال الحرب الأهلية لم يكن ذي قيمة. التقييم الدولي للبنان ان جيشه لم يخسر سلاحه على رغم الأحداث التي مرّت به.
ما الذي تبدّل بالنسبة الى المملكة لتتخذ اليوم القرار بتجميد الهِبة؟
السبب هو المواقف ضد المملكة التي “توّجت” بعدم تأييد قرار إدانة إيران الذي صدر في القاهرة خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب. في القاهرة صدر قرار يدين إيران وصدر بيان يشير الى “حزب الله” بالإرهاب. لبنان نأى بنفسه عن إدانة إيران وتحفظ على البيان الذي يشير الى “حزب الله”. كان من المفترض الموافقة على قرار إدانة إيران. فنحن عرب. والإدانة لا تعني قطع العلاقات الدبلوماسية او وقف التبادل الاقتصادي. وهو ليس عدم اعتراف وليس شن حرب ضد دولة. الإدانة شيء بسيط. كان يجب الموافقة عليها. عندها يمكن تفهّم العرب تحفظ لبنان على القرار المتعلّق بـ”حزب الله”. في جّدة أيضاً نأى لبنان بنفسه عن قرار إدانة إيران! “إعلان بعبدا” الذي يدعو الى تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمة والدولية… يستثني المواضيع المتعلّقة بالشرعية الدولية والقضية الفلسطينية والإجماع العربي. لو طبّق الإعلان ولو وُضع في البيان الوزاري لما اضطرت الحكومة بالأمس الى عقد جلسة تسوية.
ما رأيك ببيان مجلس الوزراء الأخير؟
لا بأس به. فيه عودة الى لغة العقل.
هل هو كفيل بإصلاح العلاقة مع المملكة؟
يمكن إصلاح كل شيء. ولكن لا يجب ان ينحصر تركيزنا على استعادة الهبة. يجب التركيز على إصلاح العلاقات مع الدول العربية وبخاصة المملكة العربية السعودية. بعدها نتكلّم بالهبة ومتابعة تسليم العتاد.
كيف تم اختيار أنواع الأسلحة التي سيزوّد بها الجيش؟
الجيش قدّم لوائح بحاجاته بعد اطّلاعه على ما يمكن لفرنسا ان تزوّدنا به.
ما هي أنواع الأسلحة التي كان من المفترض ان يحصل عليها؟
كان سيحصل على طوافات ودبابات حديثة وملالات ومدفعة ذاتية الحركة وأجهزة اتصال وصورايخ ومدفعية مضادة للطائرات وصواريخ مضادة للطائرات… أما طائرات الـ “توكانو” فمن الولايات المتحدة الأميركية. هذه الهبة تعثرت بعد وفاة الملك عبدالله. وسرت الشائعات بأن هناك مماطلة وتأجيل. إلا ان الملك سلمان وقّع العقود مع فرنسا في نهاية العام الماضي. ووُضع جدول لها على مدى 6 سنوات.
لهذا السبب صدر كلام بأن الهبة “حبر على ورق”؟
ربما كانت هناك شكوك. ولكن قائد الجيش يؤكّد بأنه لم يقل هذا الكلام. تصوّر الجيش بعد 6 سنوات من دون مساعدات. ما ستكون عليه حال تجهيزاته وعتاده وسلاحه؟
المملكة العربية السعودية في مواجهة شاملة في المنطقة. فكيف توقف هبة لتسليح الجيش اللبناني ولدعم السلطة الشرعية اللبنانية؟
اعتبرت المملكة ان لبنان تحت السيطرة الإيرانية. وهذا ما صدر في بيان مجلس الوزراء السعودي الأخير.
ألم تكن هي الحال في العام 2013؟
لقد ازداد الوضع سوءًا.
هل تخاذل الحكومة وتحوّل كل وزير الى رئيس للجمهورية، كان له تأثيره على قرار المملكة؟
أنا لا أسميه تخاذلا. أسميه خيار رئيس الحكومة باتخاذ القرارات عبر تدوير الزوايا والتوافق. فهو يعتبر نفسه مسؤولا عن البلاد. ويخشى من تدهور الأوضاع. لذلك يحاول البقاء في موقع متوازن من كافة الأطراف.
ألم تؤدِ هذه السياسة الى تراجع المواجهة مع “حزب الله”؟
نحن لم ندعُ الى مواجهة مع “حزب الله”. دعونا الى صيانة الوحدة الوطنية والسلم الأهلي ورفضنا مشاركته في القتال في سوريا. نحن لم نحسم مسألة سلاح الحزب كمقاومة. نحن قلنا بضرورة بلورة استراتيجية دفاعية للتخفيف عن الحزب وعناصره عبء مواجهة إسرائيل.
نعني المواجهة السياسية وتطبيق إعلان بعبدا وقرارات جلسات الحوار…
ابتعاد الفريق الذي يواجه “حزب الله” سياسياً عن “إعلان بعبدا” أدى الى “رحرحة” سياسية لدى الحزب. لم يكتفِ بمساعدة النظام. إنما راح يشرح أهمية دوره للدفاع عن لبنان. فريق 8 آذار تنكّر للإعلان. وفريق 14 آذار تراخى في المطالبة بتنفيذه. وكأنه يخجل من ذلك كي لا يستفز الطرف الآخر… لماذا لم يُذكر في “إعلان النوايا” بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”؟ علماً ان الإعلانين متشابهين من حيث المضمون. ربما لأن “التيار الوطني الحر” لا يريد ذكره. النقاط العشر في خطاب الدكتور جعجع عند تبني ترشيح الجنرال عون، تشبه الى حد بعيد “إعلان بعبدا”.
هل عدم إصرار الحكومة عليه وتركيزها على الحرب ضد الإرهاب هما السبب؟
ولكن من يحارب الإرهاب في لبنان؟ الجيش أم “حزب الله”؟ ما نريده ان يوقف “حزب الله” تدخله في الشؤون الخارجية وان يعود الى لبنان. وهنا ينتظم الجميع للدفاع عن البلاد. وهو حق مشروع.
انطلاقاً من خبرتكم العسكرية، هل تعتبر ان الجيش اللبناني أصبح وكأنه يؤمّن الخلفية الأمنية لـ”حزب الله”؟
كلا. صحيح ان تدخّل “حزب الله” ضد الإرهاب يجعل بعض المتطرفين في لبنان يؤيّدون الإرهاب. إلا ان محاربة الإرهاب قضية وطنية يقوم بها الجيش اللبناني وهو ينتشر على طول الحدود…
ولكن عناصر الحزب يعبرون الحدود للقتال في سوريا دونما رادع؟
صحيح. وهذا خرق للسيادة.
في بدايات الأزمة السورية، كان هناك كلام عن طلب مساعدة الأمم المتحدة لضبط الحدود مع سوريا. لماذا لم يتحقق؟
لم تكن المسألة جدّية. إن دعم الأمم المتحدة على الحدود الشرقية هو موضوع خلافي منذ صدور القرار 1701. لم تتفق السلطات اللبنانية عليه. من الناحية العسكرية المسألة ليست سهلة. تطبيقها يلزمه عشرات الألوف من العناصر. وهي غير متوفّرة لدى الأمم المتحدة. ويجب ان تكون وحدات الجيش اللبناني الى جانبها. لذلك لم تتقدّم الحكومة اللبنانية بطلب رسمي.
هل ستعوّض الولايات المتحدة الأميركية عن تجميد الهبة السعودية؟
الولايات المتحدة دأبت منذ عشرات السنين على دعم الجيش اللبناني بالسلاح والعتاد والتدريب بمبلغ راوح بين الـ 60 و 80 مليون دولار سنوياً. اليوم زادت هذه القيمة لتصبح 130 مليوناً. أي حوالي 800 مليون خلال ست سنوات… لو أقرّت الهبة أيضاً لكنا ضمنا تسليحاً كبيراً للجيش يسمح له بالاضطلاع بكافة المهام الموكلة إليه.
هل سيقوم الفرنسيون بوساطة؟ وهل يمكن ان تؤدي الى عودة المملكة عن قرارها؟
ممكن. ولكن لا يجب الاتكال على الفرنسيين. ولا يجوز ربط كل حركتنا السياسية باستعادة الهبة. يجب ان تكون علاقتنا متينة مع المملكة ومع كافة الدول العربية. نحن دولة عربية. دستورنا حسم قضية انتماء لبنان الى العالم العربي. لبنان هو الذي اقترح الإجماع العربي لاتخاذ إجراء في حق اي دولة عربية عضو في جامعة الدول العربية وذلك منذ تأسيسها.
هل تخشون ان ينسحب قرار تجميد الهبة على الدعم السياسي للبنان؟
هذا يتوقّف على تصرّف اللبنانيين. إذا استمر البعض في التهجّم على المملكة وإهانتها وشتمها، يجب توقّع ذلك. هناك خلقيات في التعاطي السياسي. ويجب التقيّد بها. ليس فقط تجاه الدول الصديقة إنما في ما بيننا. بعض رؤساء الأحزاب والتيارات السياسية، يا للأسف، لا يتقيّدون بهذه الخلقيات ولا يضبطون مناصريهم. وهذا ما نشهده على مواقع التواصل الاجتماعي…
هل الخلاف داخل فريق 14 آذار كان له تأثيره على قرار المملكة؟
الخلاف أصاب الفريقين 8 و 14 آذار. أنا متأكد ان جزءًا كبيرا من مكوّنات 8 آذار لا يؤيد التهجّم على المملكة. ولكن ما بيدهم حيلة. وإلا كيف يجلس العماد عون الى جانب الدكتور جعجع في قراءته للنقاط العشر التي تتناقض مع مبادئ فريق 8 آذار؟ هذا يعني أنه وتياره يؤيّدونها.
ماذا دار في لقائكم الاخير مع الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط؟
لسنا فريقاً واحدًا. ولكننا ننسّق مواقفنا بما يخدم مصلحة لبنان وسيادته.
وهل تنسقون في مسألة الترشيح الى رئاسة الجمهورية؟
بالتحديد كلا. هناك تنسيق حول ضرورة انتخاب رئيس. انا اعلنت ان لا مرشح لدي.
هل ظروف الفراغ في العام 2008 هي ذاتها اليوم؟
كلا. الفراغ اليوم هدفه تغييب لبنان الرسمي عندما يحين وقت الحل في سوريا كي لا يكون له كلمة في الحلول التي ستطرح. يجب ان لا ننسى ان الرئيس اللبناني هو الرئيس المسيحي الوحيد في المنطقة. ولا بد ان تُسمع كلمته في المحافل الدولية. عندما نسمع عن رسم حلول لسوريا تراوح بين سوريا بحدودها الحالية وبين الفدرالية أو التقسيم، أخشى ان يكون لبنان جزءًا من هذا التقسيم ليتحوّل الى دويلات مذهبية. هنا مكمن الخطر في تغييب لبنان.لا يمكن لرئيس الحكومة أن ينوب عنه. فالرئيس متحرّر أكثر في السياسة الخارجية. بحسب المادة 52 من الدستور يمكنه الاتفاق مع رئيس الحكومة واتخاذ الموقف الذي يريد وإجراء المفاوضات والمشاورات مع جهات خارجية. أما توقيع المعاهدات الدولية فيلزمه اتفاق في مجلس الوزراء.
إذاً الفراغ في لبنان هو جزء من الفوضى الخلاقة لإعادة رسم السلطة؟
نعم. محور الممانعة الإيراني – السوري هو الذي يعمل على تغييب لبنان.
هل تعتقد ان الحل قريب في سوريا؟
أعتقد ان رسم الحلول أصبح قريباً. بدأت الأحداث تتحرّك باتجاه إيجاد حل معيّن. الصراع كبير. ولا مصحلة لأي دولة في الاستمرار به. ولكن هذا لا يعني ان الحل سيأتي غداً.
هل مصر هي أوّل من رشحك للرئاسة في العام 2007؟
إنها إشاعات. بعد معركة نهر البارد قمت بزيارة عسكرية لمصر للاطلاع على إمكانية الاستفادة من إمكاناتها. التقيت الرئيس حسني مبارك وكان كلام عن ذكرياته العسكرية. لم نتطرّق الى موضوع الرئاسة. أما المشير عمر سليمان فطلب مني ضرورة فرض اجتماع لمجلس النواب بالنصف زائد واحد وانتخاب رئيس. بالتالي لم نتطرق الى مسألة ترشيحي. بعد نهاية ولاية الرئيس إميل لحود زارني (النائب) سليمان فرنجيه برفقة (الوزير) جبران باسيل لمناقشة تفاصيل تلي انتخابي رئيساً للجمهورية. لم نتّفق. ولم ألتزم بشيء. فتم تأجيل الانتخابات بطلب من سوريا مباشرة…
هل قبل “حزب الله” ترشيحك بعد اتفاق الدوحة؟
كلا. كان الحزب موافقاً على ترشيحي. وفريقه يريد ان ينتخبني. وأتى لمناقشتي في التفاصيل ومنها التوزيع الوزاري وغيرها. ولكنني لم ألتزم بشيء.
وهل مسألة تعيين اللواء فرانسوا الحاج قائداً للجيش كان إحدى هذه التفاصيل؟
هذا كان مطلبي أنا. كنت أريده قائداً للجيش. وقتل بعد أيام من تأجيل الانتخابات. لم نناقش مسألة قيادة الجيش.
ما رأيك في طلب الوزير اشرف ريفي إحالة قضية ميشال سماحه على المحكمة الجنائية الدولية؟
يجب ان يعاقب ميشال سماحه اشد العقوبات خصوصًا وأنه كان موضع ثقة وكان نائباً ووزيراً. عقوبته يجب ان تكون أقوى من عقوبة مواطن عادي… سماحه مخطط سياسي واستراتيجي. تبوء مراكز مهمة في الدولة. في الماضي كان مندوباً بيني وبين الرئيس بشار الأسد بموافقة الطرفين، ولمدة أشهر. بعد فترة عبّرت عن عدم رغبتي في استمراره بلعب هذا الدور. اكتشفت ان له أجندته الخاصة. كان يتدخّل في قضايا التوزير وتعيين القضاة. ويطلب إقالة قضاة وموظفين، بحجة أنهم يخلقون مشكلة مع الرئيس الأسد، أو بحجة أنهم يسيئون الى العلاقات اللبنانية – السورية. لم آخذ برأيه طبعاً.
حاول إذاً لعب دور مندوب سوريا في لبنان؟
نعم. حاول لعب هذا الدور. كلّمت الرئيس الاسد عبر الهاتف، وطلبت استبداله في العام 2009. المؤسف ان الحكم ضدّه لم يكن على مستوى انتظارات اللبنانيين. القضاء يحكم بإسم الشعب اللبناني. هذا الشعب “استهول” هذا الحكم. للواء ريفي كامل الحق في طلب إحالة القضية على المجلس العدلي. ولكنه أتى متأخراً.
هل تتخوّفون من تأثير قرار المملكة على اللبنانيين العاملين في الخليج؟
لدي قلق. ولكني أنظر الى العلاقة بصرف النظر عنهم. بالنسبة إلي العلاقة مع الدول العربية، وبخاصة دول الخليج، لا يجوز ان تكون كما كانت في المرحلة الأخيرة. يجب ان تكون علاقات مبنية على الاحترام المتبادل والمصلحة المتبادلة وعلى الانتماء العربي. “اللي بيشلح ثيابه بيرد”. وكما كنت أقول دائماً ليس لدول الخليج تفهّم موقفنا اللبناني الدقيق. إنما على الدول الأخرى، مثل إيران… التفهّم بأننا عرب.